الإعراب:
من قرأ: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى} ؛ فهو إخبار عما جرت به العادة في إهلاك من تقدم من الأمم؛ والمعنى: وكذلك أخذ ربك من أخذه من الأمم السالفة المهلكة إذ أخذهم.
وقراءة الجماعة على أنه مصدر؛ فالمعنى: وكذلك أخذ ربك من أراد إهلاكه متى أخذه.
[ ص: 456 ] ذلك يوم مجموع له الناس : لم يقل: (مجموعون) ؛ لأن {الناس} اسم ما لم يسم فاعله، فإن قدرت ارتفاع {الناس} بالابتداء، والخبر
مجموع له ؛ فإنما لم يقل: (مجموعون) على هذا التقدير؛ لأن {له} قام مقام الفاعل.
يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه : قوله:
لا تكلم صفة لـ {يوم} ؛ والتقدير: يوم يأت ما وعدتم به، ولا يجوز أن يكون فاعل {يأت} ضمير (اليوم) المذكور؛ لأنه لا يضاف إلى ما هو هو، أو ما جرى مجرى ذلك، وفي الكلام حذف العائد؛ والتقدير: يوم يأت لا تكلم فيه نفس إلا بإذنه.
ومن ضم السين من {سعدوا} ؛ فهو محمول على قولهم: (مسعود)، وهو شاذ قليل؛ لأنه لا يقال: (سعده الله)، إنما يقال: (أسعده الله)، و (مسعود): إنما هو على تقدير حذف الزيادة، وكذلك {سعدوا} ؛ كأن تقديره: (أسعدوا) ؛ فحذف الزائد.
ومن فتح السين؛ فهي غير منقولة بالهمزة، والمعنى: سعدوا هم بإسعاد الله تعالى إياهم.
ومن قرأ: {وإن كلا} ؛ بالتخفيف؛ [فهو على أنها (إن) المخففة]
[ ص: 457 ] من الثقيلة، معملة، ومن شدد؛ جاء بها على أصلها.
وزعم الفراء: أن نصب قوله: {كلا} في قراءة من خفف بقوله: {ليوفينهم}، وأنكر ذلك جميع النحويين؛ لأنه لا يجوز: (زيدا لأضربنه).
ومن خفف (لما) ؛ فعلى أن (ما) زائدة، واللام للتوكيد؛ والتقدير: وإن كلا ليوفينهم ربك أعمالهم.
وقيل: دخلت (ما) لتفصل بين اللامين اللتين تتلقيان القسم، وكلاهما مفتوح، ففصل بينهما بـ (ما).
وقيل: ليست زائدة، بل هي اسم دخل عليها لام التوكيد، وهي خبر {إن}، و {ليوفينهم}: جواب القسم؛ التقدير: وإن كلا لخلق ليوفينهم.
[ ص: 458 ] ومن شدد {لما}، ولم ينون؛ فالأصل فيها في قول بعضهم: (لمن ما)، فقلبت النون ميما؛ للإدغام، وحذفت؛ لاجتماع الميمات، و (ما) على هذا زائدة.
وقيل: الأصل: (لمن ما)، فحذفت الميم المكسورة؛ لاجتماع الميمات؛ والتقدير: وإن كلا لمن خلق ليوفينهم ربك أعمالهم.
وقيل: إن {لما} مصدر (لم)، وجاءت بغير تنوين؛ حملا للوصل على الوقف، فهي على هذا كقوله:
وتأكلون التراث أكلا لما [الفجر: 18]؛ أي: جامعا للمال المأكول؛ فالتقدير على هذا: وإن كلا ليوفينهم ربك أعمالهم توفية لما؛ أي: جامعة لأعمالهم جمعا، فهو كقولك: قياما لأقومن، وكذلك معنى قراءة من قرأ: {لما} ؛ بالتنوين.
وقيل: إن {لما} بمعنى: (إلا)، حكى أهل اللغة: (سألتك بالله لما فعلت) ؛ بمعنى: إلا فعلت.
[ ص: 459 ] المازني: أصلها: (لما) مخففة؛ فشددت.
أبو عبيد: يجوز أن يكون التشديد من قولهم: (لممت الشيء) ؛ إذا جمعته، ثم بني منه (فعلى) ؛ كما بني {تترا} [المؤمنون: 44]؛ فالألف على هذا للتأنيث، وتمال على هذا القول لأصحاب الإمالة.
وضم الكاف وفتحها من
ولا تركنوا : لغتان بمعنى؛ حكي: (ركن يركن)، و (ركن يركن، ويركن).
[ ص: 460 ] وتقدم القول في مثل كسر التاء من
فتمسكم النار .
وقوله:
وزلفا من الليل : من ضم الزاي واللام؛ فالواحدة: (زلفة) ؛ كـ (بسرة) و (بسر) في لغة من ضم السين، ومن أسكن؛ فالواحدة: (زلفة)، فجمعه جمع الأجناس التي هي أشخاص؛ كـ (درة، ودر)، و (برة، وبر)، ومن فتح اللام؛ فهو كـ (غرفة، وغرف).
ومن قرأ: {وأتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه} ؛ فهو على تقدير حذف المضاف؛ والتقدير: وأتبعوا جزاء ما أترفوا فيه.
ومن قرأ: {واتبع} ؛ فالمعنى: أنهم اتبعوا النعم التي أعطوها في الدنيا، ونسوا الآخرة.
[ ص: 461 ] وكلا نقص عليك : نصب قوله: {كلا} بـ {نقص}.
الأخفش: {كلا}: حال مقدمة؛ كقولك: (كلا ضربت القوم).
و {ما} في قوله:
ما نثبت : بدل من قوله: {كلا}.
* * *