(عن أبي إسحاق ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب) رضي الله عنهما ، (يقول : جاء أبو بكر إلى أبي في منزله ، فاشترى منه رحلا . فقال لعازب : ابعث معي ابنك يحمله إلى منزلي . فقال لي أبي : احمله . فحملته . وخرج أبي معه ينتقد ثمنه) أي : يستوفيه ، (فقال له أبي : يا nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر ! حدثني كيف صنعتما ليلة سريت مع رسول الله ، صلى الله عليه) وآله (وسلم ؟ قال : نعم . أسرينا ليلتنا كلها) يقال : سرى وأسرى . لغتان بمعنى .
(حتى قام قائم الظهيرة) أي : نصف النهار . وهو حال استواء الشمس . سمي قائما : لأن الظل لا يظهر . فكأنه واقف قائم . ووقع في أكثر النسخ : " قائم الظهر " بضم الظاء وحذف الياء .
(وخلا الطريق ، فلا يمر فيه أحد . حتى رفعت لنا صخرة) أي ظهرت لأبصارنا . (طويلة ، لها ظل لم تأت عليها الشمس بعد . فنزلنا عندها فأتيت الصخرة ، فسويت بيدي مكانا ينام فيه النبي ، صلى الله عليه وآله (وسلم ، في ظلها . ثم بسطت عليه فروة) . المراد : الفروة المعروفة ، التي تلبس . هذا هو الصواب .
[ ص: 81 ] وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض : أن بعضهم قال : المراد بها هنا : الحشيش . فإنه يقال له : " فروة " . قال النووي : وهذا قول باطل . ومما يرده : قوله في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : " فروة معي ". ويقال لها : " فروة " بالهاء . " وفرو " بحذفها . وهو الأشهر في اللغة . وإن كانتا صحيحتين . (ثم قلت : يا رسول الله ! نم . وأنا أنفض لك ما حولك) أي : أفتش ، لئلا يكون هناك عدو . (فنام . وخرجت أنفض ما حوله ، فإذا أنا براعي غنم مقبل بغنمه إلى الصخرة ، يريد منها الذي أردنا . فلقيته فقلت : لمن أنت ؟ يا غلام ! قال : لرجل من أهل المدينة) . المراد بالمدينة هنا : " مكة " . ولم تكن مدينة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، سميت " بالمدينة " . إنما كان اسمها : " يثرب ". هذا هو الجواب الصحيح .
وأما قول عياض : إن ذكر المدينة هنا وهم ، فليس كما قال . بل هو صحيح . والمراد بها : " مكة " . قاله النووي .
(قلت : " أفي غنمك لبن ؟ ") بفتح اللام والباء . يعني : اللبن المعروف . هذه الرواية مشهورة . وروى بعضهم : " لبن" ، بضم اللام وإسكان الباء . أي : شياه ذوات ألبان .
(قال : نعم . قلت : أفتحلب لي ؟ قال : نعم . فأخذ شاة . فقلت له : انفض الضرع من الشعر والتراب والقذى . " قال : فرأيت البراء يضرب بيده على الأخرى ينفض " ، فحلب لي في قعب معه) . " القعب " : قدح من خشب معروف .
[ ص: 82 ] (كثبة) بضم الكاف والثاء وهي قدر الحلبة . قاله nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت .
وقيل : هي القليل منه . (من لبن . قال : ومعي إداوة) هي كالركوة . (أرتوي) أي : أستقي (فيها للنبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، ليشرب منها ويتوضأ) .
هذا الحديث ، مما يسأل عنه ، فيقال : كيف شربوا اللبن من الغلام ، وليس هو مالكه ؟ وجوابه من أوجه ;
أحدها : أنه محمول على عادة العرب ، أنهم يأذنون للرعاة إذا مر بهم ضيف أو عابر سبيل : أن يسقوه اللبن ونحوه .
والثاني : أنه كان لصديق لهم يدلون عليه . وهذا جائز .
والثالث : أنه مال حربي لا أمان له. ومثل هذا جائز . والرابع : لعلهم كانوا مضطرين . قال النووي : والجوابان الأولان أجود .
(قال : فأتيت النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم . وكرهت أن أوقظه من نومه . فوافقته استيقظ ، فصببت على اللبن من الماء ، حتى برد أسفله) بفتح الراء على المشهور . وقال الجوهري بضمها .
(فقلت : يا رسول الله ! اشرب من هذا اللبن . قال : فشرب حتى رضيت . ثم قال : " ألم يأن للرحيل ؟ " قلت : بلى . قال : فارتحلنا [ ص: 83 ] بعد ما زالت الشمس . واتبعنا سراقة بن مالك . قال : ونحن في جلد من الأرض) بفتح الجيم واللام . أي : أرض صلبة . وروي : " جدد " بدالين . وهو المستوي . وكانت الأرض مستوية صلبة .
(فقلت : يا رسول الله ! أتينا . فقال : "لا تحزن. إن الله معنا " . فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم ، فارتطمت فرسه إلى بطنها) أي : غاصت قوائمها في تلك الأرض الجلد . وفي رواية : " فساخ فرسه في الأرض ، إلى بطنه " . وهذا معنى : ارتطمت .