فيقول بعض الناس لبعض : أبوكم آدم ، فيأتون آدم فيقولون : يا آدم أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم آدم عليه السلام : إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، [ ص: 179 ] ولا يغضب بعده مثله ، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى نوح .
فيأتون نوحا فيقولون : يا نوح ، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وسماك الله عبدا شكورا ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم نوح : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه كان لي دعوة على قومي ، نفسي نفسي ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى إبراهيم .
فيأتون إبراهيم فيقولون : يا إبراهيم ، أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول إبراهيم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله ، نفسي نفسي ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى موسى .
فيأتون موسى فيقولون : يا موسى ، أنت فضلك الله برسالته وكلامه على الناس ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم موسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإني قتلت نفسا لم أؤمر بقتلها ، نفسي نفسي ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى عيسى .
فيأتون عيسى فيقولون : يا عيسى ، أنت روح الله ، وكلمة منه ألقاها إلى مريم وروح منه ، وكلمت الناس في المهد ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول عيسى : إن ربي قد [ ص: 180 ] غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، ولم يذكر له ذنبا ، نفسي نفسي ، نفسي نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى محمد - صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين - .
فيأتون فيقولون : يا محمد ، أنت رسول الله خاتم الأنبياء ، غفر الله لك ذنبك ما تقدم منه وما تأخر ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا ؟ فأقوم فآتي تحت العرش ، فأقع ساجدا لربي ، ويفتح الله علي ، ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي ، فيقال : يا محمد ، ارفع رأسك ، سل تعطه ، اشفع تشفع ، فأرفع رأسي فأقول : رب أمتي ، أمتي يا رب ، أمتي يا رب ، فيقال : يا محمد ، أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن ، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ، والذي نفسي بيده ، لما بين مصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر ، أو كما بين مكة وبصرى " .