صفحة جزء
[ ص: 420 ] ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير .

[28] ليشهدوا ليحضروا منافع لهم دينية ودنيوية .

ويذكروا اسم الله عند التذكية في أيام معلومات عندهم ؛ لأنهم كانوا يحرصون على علمها وعدها لأجل الحج ، وهي عشر ذي الحجة عند الأئمة الثلاثة ، وأكثر أهل العلم ، وعند مالك : هي أيام النحر الثلاثة .

على ما رزقهم من بهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم ، فلا تجوز الأضحية من غيرها .

فكلوا منها أمر إباحة ليس بواجب ، وإنما قال ذلك ؛ لأن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون من لحوم هداياهم شيئا ، وأما الأضحية ، فإنها مشروعة بأصل الشرع بالاتفاق .

واختلفوا في حكمها ، فقال أبو حنيفة : هي واجبة على كل مسلم حر مقيم ملك نصابا من أي الأموال كان ، وقال الثلاثة : هي سنة غير مفروضة ، واستثنى مالك الحاج الذي بمنى ، فإن سنته عنده الهدي ، ويجوز الأكل منها باتفاقهم ، فقال أبو حنيفة : له أن يأكل منها ، ويطعم الأغنياء والفقراء ، ويدخر ، ويستحب ألا ينقص الصدقة من الثلث ، وقال مالك : يأكل ويطعم ، وليس لما يأكله ولا لما يطعمه حد ، وقال الشافعي وأحمد : يأكل الثلث ، ويهدي الثلث ، ويتصدق بالثلث ، ولو أكل أكثر ، جاز .

واختلفوا في الأفضل مما يضحى به ، فقال مالك : الأفضل الغنم ، ثم [ ص: 421 ] البقر ، ثم الإبل ، قال الثلاثة : أفضلها الإبل ، ثم البقر ، ثم الغنم ، والضأن أفضل من المعز بالاتفاق ، ويجوز الذكر والأنثى والخصي ، وشرطها سلامة من عيب ينقص اللحم ، فلا تجزئ العجفاء ، وهي الهزيلة ، ولا ذات عرج وعور ومرض ، وتجزئ الجماء ، وهي التي خلقت بغير قرون ، ولا يضر شق أذن وخرقها ، بغير خلاف في ذلك ، وتجزئ الشاة عن واحد باتفاقهم ، وتجزئ البدنة والبقرة عن سبعة عند الثلاثة ، وقال مالك : هما كالشاة لا تجزئ إلا عن واحد .

واختلفوا فيما يجزئ في الأضحية والهدي ، فقال أبو حنيفة وأحمد : يجزئ الجذع من الضأن ، وهو ما له ستة أشهر ، والثني مما سواه ، فمن المعز ما له سنة ، ومن البقر ما له سنتان ، ومن الإبل ما له خمس سنين ، وقال مالك : الجذع من الضأن ما له سنة ، والثني مما سواه ، فمن المعز ما له ثلاث سنين ، ومن البقر ما دخل في الثالثة ، ومن الإبل ما له ست سنين ، وقال الشافعي : من الإبل ما طعن في السادسة ، ومن البقر والمعز ما طعن في الثالثة ، ومن الضأن ما طعن في الثانية ، والسنة أن يذبحها بنفسه إن كان يحسن ، وإلا يحضرها .

واختلفوا فيما إذا ذبحها كتابي ، فقال مالك : لا يجوز ، وقال الثلاثة : يجوز مع الكراهة .

وله أن ينتفع بجلدها ، ولا يعطى الجازر بأجرته شيئا منها ، ولا يبيعها ولا شيئا منها بالاتفاق ، وأما الهدي الواجب بأصل الشرع ؛ كدم التمتع والقران ، والواجب بإفساد الحج وفواته ، وجزاء الصيد ، وما أوجبه على نفسه بالنذر ، فلا يجوز الأكل منها عند الشافعي ، وقال مالك : يأكل من [ ص: 422 ] هدي التمتع ، ومن كل هدي وجب عليه ، إلا من أربعة أشياء : فدية الأذى ، وجزاء الصيد ، ونذر المساكين ، وهدي التطوع إذا عطب قبل محله ، وقال أبو حنيفة وأحمد : يأكل من هدي التطوع ، ودم التمتع والقران ، ولا يأكل من واجب سواهما ، وسيأتي ذكر وقت الذبح والكلام عليه في سورة الكوثر إن شاء الله تعالى .

وأطعموا البائس هو ذو البؤس ؛ أي : الشدة .

الفقير الذي لا شيء له .

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية