صفحة جزء
الثالث عشر، والرابع عشر: قوله: الرحمن الرحيم [الفاتحة: 3] وتقرير الكلام فيهما كما سلف.

الخامس عشر، والسادس عشر: قوله: مالك يوم الدين [الفاتحة:4].

فإن لفظ: «مالك»، ومعناه الإفرادي من غير نظر إلى معناه الإضافي يفيد استحقاقه بإخلاص توحيده، ويفيد أنه لا ملك لغيره.

فلا ينفذ إلا تصرفه، لا تصرف أحد من خلقه، من غير فرق بين نبي مرسل، وملك مقرب، وعبد صالح.

وهكذا معنى كونه: «ملك» - على القراءة الأخرى، وهما السبعيتان-؛ فإنه [ ص: 16 ] يفيد أن الأمر أمره، والحكم حكمه، ليس لغيره معه أمر، ولا حكم، كما أنه ليس لغير ملوك الأرض معهم أمر، ولا حكم، ولله المثل الأعلى.

ثم في معناه الإضافي إلى: «يوم الدين» معنى ثان.

فإن من كان له الملك في مثل هذا اليوم، الذي هو يوم الجزاء لكل العباد، وفيه يجتمع العالم أولهم وآخرهم، سابقهم ولاحقهم، جنهم وإنسهم وملائكتهم، فهو المستحق لإفراده بالعبادة.

وفيه إشارة إلى استحقاقه إخلاص توحيده.

وقد فسر الله هذا المعنى الإضافي المذكور في فاتحة الكتاب هذه في موضع آخر من كتابه العزيز، فقال: وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله [الانفطار: 17-19].

ومن كان يفهم كلام العرب، ونكته، وأسراره، كفته هذه الآية عن غيرها من الأدلة، واندفعت لديه كل شبهة.

السابع عشر: ما يستفاد من نفس لفظ: «الدين» من غير نظر إلى كونه مضافا إليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية