أنموذج المنافقين
وإن شئت أن ترى أنموذجا من المنافقين، فانطلق إلى مجلس الأمراء، وانظر إلى مصاحبيهم كيف يرجحون مرضاتهم على مرضاة الشارع، لا فرق عند الإنصاف بين من سمع كلامه صلى الله عليه وسلم بلا واسطة، وسلك مسلك النفاق، وبين من حدثوا في هذا الزمن، وعلموا حكم الشارع بطريق اليقين، ثم آثروا خلاف ذلك، وأقدموا على مخالفته.
وعلى هذا القياس جماعة من المعقوليين تمكنت في خواطرهم شكوك وشبهات حتى جعلوا المعاد نسيا منسيا، فهؤلاء أنموذج المنافقين.
[ ص: 93 ]
وبالجملة: إذا قرأت القرآن، فلا تحسب أن المخاصمة كانت مع قوم انقرضوا، أو درجوا.
بل الواقع أنه ما من بلاء كان فيما سبق من الزمان إلا وهو موجود اليوم بطريق الأنموذج، بحكم حديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=653197«لتتبعن سنن من قبلكم»... إلى قوله: هذا ما تيسر لي في هذا الكتاب من بيان عقائد الفرق الضالة المذكورة، وتقرير أجوبتها.
وهذا القدر كاف في فهم معاني آيات المخاصمة -إن شاء الله تعالى-.
انتهى كلام «الفوز الكبير في أصول التفسير» للشيخ الأجل
أحمد ولي الله المحدث الدهلوي -قدس سره-، وهو كالشرح لما سبق نقله من كتابه «حجة الله البالغة».