الدوافع التي تدفع المجرمين إلى ارتكاب المحظورات مع بيان حكمة الأوامر والنواهي
والأمور التي حرمها الله ورسوله من الشرك والسحر، والقتل والزنا وشهادة الزور، وغير ذلك من المحرمات، قد يكون للنفس فيها حظ مما تعده منفعة، أو دفع مضرة، ولولا ذلك ما أقدمت النفوس على المحرمات التي لا خير فيها بحال، وإنما
يوقع النفوس في المحرمات الجهل أو الحاجة.
فأما العالم بقبح الشيء والنهي عنه، فكيف يفعله؟!
والذين يفعلون هذه الأمور جميعها، قد يكون عندهم جهل بما فيه من الفساد، وقد تكون بهم حاجة إليها; مثل الشهوة إليها، وقد يكون فيها من الضرر
[ ص: 27 ] أعظم مما فيها من اللذة، ولا يعلمون ذلك; لجهلهم، أو تغلبهم أهواؤهم حتى يفعلوها.
والهوى غالبا يجعل صاحبه كأنه لا يعلم من الحق شيئا، فإن حبك للشيء يعمي ويصم، ولهذا كان للعالم أن يخشى الله.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية: سألت أصحاب
محمد -صلى الله عليه وسلم- عن قول الله -عز وجل-:
إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب [النساء: 17] إلخ.
وليس هذا موضع البسط لبيان ما في المنهيات من المفاسد الغالبة، وما في المأمورات من المصالح الغالبة، بل يكفي المؤمن أن يعلم أن ما أمر الله به فهو لمصلحة محضة، أو غالبة، وما نهى الله عنه، فهو لمفسدة محضة أو غالبة، وأن الله لا يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليهم، ونهاهم عما فيه مفاسدهم.
ولهذا وصف نبينا -صلى الله عليه وسلم- بأنه يأمرهم بالمعروف، وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث.