حكم من سأل بالله
ومن ذلك: ألا يرد من سأل بالله؛ ظاهر الحديث الوارد في هذا الباب
النهي عن رد السائل إذا سأل بالله.
لكن قال في "فتح المجيد": هذا العموم يحتاج إلى تفصيل، بحسب ما ورد في الكتاب والسنة.
فيجب إذا سأل السائل ما له فيه حق؛ كبيت المال، فيعطى منه على قدر حاجته وما يستحقه، وكذلك إذا سأل المحتاج من في ماله فضل، فيجب أن يعطيه على حسب حاله ومسألته.
وأما إذا سأل من لا فضل عنده، فيستحب أن يعطيه على قدر حال المسؤول ما لا يضره ولا يضر عائلته. وإن كان مضطرا، وجب أن يعطيه ما يدفع ضرورته.
ومقام الإنفاق من أشرف مقامات الدين، وتفاوت الناس فيه بحسب ما جبلوا عليه من الكرم والجود وضدهما من البخل والشح. فالأول محمود في الكتاب والسنة، والثاني مذموم فيهما.
[ ص: 509 ] وقد حث الله تعالى عباده على الإنفاق؛ لعظم نفعه، وكثرة ثوابه.
قال تعالى:
يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم إلى قوله:
والله يعدكم مغفرة منه وفضلا [البقرة: 267-268].
وقال:
وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه [الحديد: 7]، وذلك الإنفاق من جملة خصال البر المذكورة في قوله:
ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب [البقرة: 177]، فذكره بعد ذكر أصول الإيمان، وقبل ذكر الصلاة، ذلك - والله أعلم - لتعدي نفعه.
وذكره أيضا في الأعمال التي أمر بها عباده، وتعبدهم بها، ووعدهم عليها الأجر العظيم، فقال:
إن المسلمين والمسلمات ، إلى قوله:
والمتصدقين والمتصدقات [الأحزاب: 35] الآية.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على الصدقة، حتى النساء، نصحا للأمة، وحثا لهم على ما ينفعهم، عاجلا وآجلا.
وقد أثنى الله على الأنصار بالإيثار، فقال:
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة .
والإيثار من أفضل خصال المؤمن، كما تفيده هذه الآية الكريمة.
وقد قال سبحانه:
ويطعمون الطعام على حبه إلى قوله:
إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا [الإنسان: 8-9].
والآيات، والأحاديث في فضل الصدقة كثيرة جدا. ومن كان سعيه للدار الآخرة، رغب في هذا، ورغب. وبالله التوفيق. انتهى.
وأقول: لا شك في فضيلة النفقة والصدقة في سبيل الله، أي باب كان منه.