[ ص: 510 ] الفساد الذي دخل على الباذلين والسائلين
ولكن ما ورد به الكتاب أو السنة، لا ما تخيله الباذل.
فإن كثيرا من الأسخياء يبذلون أموالهم بلا خطر ولا نهاية لها، في سبل لا يرتضيها الله، وهم في ذلك مأزورون، لا مأجورون.
وكذلك دخل الفساد في السائلين، فأكثرهم كفار، والمسلمون منهم مسلمون اسما لا حقيقة.
ومنهم: من عنده ما يكفيه للحاجة، وهم سائلون. ومنهم: من يسأل ويصرف ما سأله في معصية الله. ومنهم: من يأخذ المال على الاستحياء من المعطي. ومنهم: من لا يميز في أخذه الحلال من الحرام. ومن الباذلين من لا يبالي، أبذل الحرام على السائلين وغيرهم أو الحلال.
وزادت الآفات في كل من المعطي والآخذ، وبلغت إلى حد لا يستقيم لغريب من المسلمين أن يوقعه على الوجه الصحيح. فإنا لله وإنا إليه راجعون.وكما أن
السنة وردت في عدم رد السائل، فكذلك جاءت في ذم السؤال، والتسجيل عليهم بالعقاب والذلة.
فلا السائلون ينتهون، ولا الباذلون يوجدون. وإنما يوجد منهم، من لا يؤمن بالله واليوم الآخر.
يسرف فيما في يده من المال، ويأخذ من يأخذه بالكيادة والاحتيال
ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس [الروم: 41].
وللسؤال طرائق غريبة في هذا الزمان، ولاختطاف الأموال وجوه كثيرة عند أهلها.
وليس الجواد إلا من صرف المال على وجهه الثابت في الملة الحقة،
[ ص: 511 ] ولا البخيل إلا من بخل في الحقوق الواجبة في الشريعة الصادقة. والناس في ذلك على أنواع.
وعند العامة: السخي: من يسرف إسرافا كثيرا، والبخيل: من لا يصرف في معاصي الله. ونعوذ بالله من عكس القضايا.