فصل [في عتق الرقاب من الزكاة] 
وأما قول الله سبحانه : 
وفي الرقاب  [البقرة : 177] . يريد : العتق ، فينبغي أن تشترى من الزكاة رقبة مسلمة ، سالمة من العيوب ، ليس فيها عقد حرية مما يكون ولاؤها للمسلمين . 
واختلف في خمس : في 
عتق المعيب ، وإعطاء المكاتب ، وهل يعطى الرجل مالا ليعتق عبده ، أو يفدي به أسيرا أو يعتق بعض عبد ، فقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ  في العتبية : إن أعتق عبدا معيبا ، مما لا يجزئ عن الواجبات- لم يجزئه . والذي يدل  
[ ص: 975 ] عليه قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  وغيره من أصحابه- أنها تجزئه . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12293أحمد بن نصر   : إنها تجزئه . ولم يجز 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  في كتاب 
محمد  ، أن يعطى من الزكاة لمن يعتق عبده عن نفسه ، وأجازه في مختصر ما ليس في المختصر . 
وكره 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  في المدونة ، أن يعان منها مكاتب . وأجازه غيره ، فإن وفى وإلا انتزع منه ذلك . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  في كتاب 
محمد   : إن أعطي ما يتم به عتقه ؛ فلا بأس . وقال أيضا : لا يعجبني ذلك . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ  ، 
ومحمد بن عبد الحكم   : يجزئه . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ  في كتاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب   : لا يفتدي منه أسيرا . وأجاز ذلك 
 nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب  ، 
ومحمد بن عبد الحكم  ، فأجرى أمر العتق من الزكاة مرة مجرى العتق عن الواجبات ؛ الظهار والقتل ، فلا يجزئه إلا ما يجزئ فيه ، ومرة لم يقس عليه . 
ويختلف على هذا إذا أعتق بعض عبد ، فمن أجراه مجرى العتق عن  
[ ص: 976 ] الواجبات ؛ منع ذلك وسواء أعتق بعضا وبقي الباقي رقيقا ، أو أعتق ما تم به عتقه . 
ومنع 
 nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف  في كتاب 
 nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب  ، أن يعتق بعض عبد إذا كان لا يتم به عتقه ، وأجازه إذا كان يتم به عتقه ، وراعى في ذلك الولاء ؛ لأن ميراثه إذا لم يتم عتقه لمن له بقية رقه . وإذا تم عتقه ؛ كان للمسلمين من الولاء بقدر ما عتق منه من الزكاة . 
وعلى القول في المكاتب والأسير أنها تجزئ ، يجوز عتق بعض عبد وإن لم يتم عتقه ؛ لأنه لا ولاء للمسلمين في المكاتب والأسير ، ولا فيمن أعطي مالا ليعتق عبده عن نفسه . وإذا لم يراع الولاء ؛ فلا شك أن للعبد في عتق بعضه منفعة ، فإن أعتق نصفه ؛ كان له يوم من نفسه . 
ولو 
دفع رجل زكاته للإمام ، فرأى أن يعتق منها ولد رب المال ، أو والده- جاز له ذلك ؛ لأنه فك رقبة ، والولاء للمسلمين ، وهو في هذا أجوز منه في الأسير والمكاتب .  
[ ص: 977 ] 
وقال 
محمد بن عبد الحكم  فيمن أخرج زكاته فلم تنفذ حتى أسر : لا بأس أن يفتدي . ولو افتقر لم يعط منها . 
ومن اشترى رقبة منها من زكاته ، ثم قال : هي حرة عن المسلمين ، وولاؤها لي ، فإن ولاءها للمسلمين وشرطه باطل ، وهو مجزئ عنه . 
واختلف إذا قال : هو حر عني ، وولاؤه للمسلمين ، فقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم   : لا تجزئه وولاؤه له . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب  في كتاب 
محمد   : تجزئه ، وولاؤه للمسلمين . قال : وكذلك من يعطى عبدا ليعتقه عن سيده فيعتقه عن نفسه ، وهو حر وولاؤه لسيده ، أو يعطى أضحية ليذبحها عن صاحبها ، فذبحها عن نفسه ، فهي مجزية عن صاحبها . 
وقد قال العبد الصالح : ربك أعلم بمن أنزلها من رأس الجبل . وهذا أحسن ؛ لأنه إنما اشتراها للزكاة فهي للمسلمين بنفس الشراء ، ولو  
[ ص: 978 ] هلكت ، كافت منهم ، فإنما أعتق عن نفسه ملك غيره ، فلا شيء له من ولائه . ولو كان له عبد ملكه ، فقال : هو حر عني ، وولاؤه للمسلمين- لم يجزئه قولا واحدا .