باب فيمن يجوز له أخذ الزكاة 
 [ ص: 965 ] أوجب الله تعالى في كتابه الزكاة لثمانية أصناف : الفقراء ، والمساكين ، والعاملين عليها ، والمؤلفة قلوبهم ، وفي الرقاب ، والغارمين ، وفي سبيل الله ، وابن السبيل   . 
فأما الفقير فتعطى بثلاثة شروط وهي : أن يكون حرا ، مسلما ، ممن لا تلزم المزكي نفقته   . فإن أعطى عبدا ، أو أم ولد ، أو مدبرا ، أو معتقا إلى أجل ، أو معتقا بعضه- لم يجزئه إذا كان عالما ؛ لأن هؤلاء وإن كانوا فقراء في معنى الموسر ؛ لأن نفقتهم على من له الرق فيهم ، فإن عجز عن الإنفاق عليهم ؛ بيع هذا ، وعجل عتق الآخر . وإن أعطى كافرا وهو عالم ؛ لم تجزئه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -  لمعاذ   :  "أعلمهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم ، وترد في فقرائهم"  . فاقتصر في ردها على المسلمين . وإن أعطاها لغني ، أو عبد ، أو نصراني وهو عالم- لم تجزئه ، وإن لم يعلم وكانت قائمة بأيديهم ؛ انتزعت منهم ، وصرفت لمن يستحقها . وإن أكلوها غرموها على المستحسن من القول ؛ لأنهم صانوا بها أموالهم ، وإن هلكت بأمر من الله ، وكانوا غروا من أنفسهم - غرموها ، وإن لم يغروا ؛ لم يغرموها ،  [ ص: 966 ] ويختلف فيمن كان وجبت عليه ؛ هل يغرمها ؟ وكذلك الإمام ، أو من جعل إليه تفريقها . وحكم مخرج الزكاة إذا أخطأ ، حكم الوكيل يخطئ فيما وكل عليه ؛ لأنه بنفس إخراجها وتميزها من جملة ماله ؛ بريء منها إن ضاعت . ولا يجزئه أن يعطيها من تلزمه نفقته ، من زوجة ، أو ولد ، أو والد ؛ لأن منفعتها عائدة عليه . 
واختلف إذا أعطت الزوجة زكاتها لزوجها  ، فمنع من ذلك في المدونة . 
وذكر  أبو الحسن ابن القصار  عن بعض شيوخه ، أن ذلك على وجه الكراهية ، فإن فعلت أجزأها . وقال  ابن حبيب   : إن كان يستعين بما تعطيه في النفقة عليها ؛ لم تجزئها ، وإن كان بيده ما ينفق عليها منه وهو فقير ، ويصرف ما تعطيه في كسوته ومصلحته ؛ أجزأها . 
قال الشيخ - رضي الله عنه - : وإن أعطى أحد الزوجين الآخر ما يقضي منه دينا  ؛ جاز ؛ لأن منفعة ذلك لا تعود على المعطي . 
واختلف إذا أعطى رجل زكاته من لا تلزمه نفقته من أقاربه  ؛ فكره  مالك  ذلك في المدونة خوفا أن يحمدوه عليها . وذكر  مطرف  عنه في كتاب  ابن حبيب  أنه قال : لا بأس بذلك .  [ ص: 967 ] 
قال : وحضرت  مالكا  يعطي زكاته قرابته . قال  الواقدي   : قال  مالك   : أفضل من وضعت زكاتك فيه قرابتك الذين لا تعول   . وهذا أحسن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لزوجة  عبد الله بن مسعود   :  "لك أجران : أجر القرابة ، وأجر الصدقة"  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					