فصل [فيمن حلف ألا أدخل على فلان بيتا فدخل عليه مسجدا]
ومن
حلف لا أدخل على فلان بيتا، فدخل عليه مسجدا; لم يحنث. قال: وليس على هذا حلف .
وقد قيل: يحنث إذا دخل عليه في المسجد لقول الله تعالى:
في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها [النور: 36] فسمى الله -عز وجل- المساجد بيوتا، وكذلك لو دخل عليه في
المسجد الحرام لم يحنث ; لقول الله:
وليطوفوا بالبيت العتيق [الحج: 29] ، إلا أن تكون له نية في بيوت السكنى فيكون ما نوى .
[ ص: 1740 ]
وفي كتاب
محمد : إن حلف لا جامعه في بيت، فجامعه في الحمام، حنث، لأنه لو أراد أن لا يدخله لفعل. قال
محمد : وليس بمنزلة المسجد .
قال الشيخ - رضي الله عنه -: وليس هذا التعليل ببين; لأنه أيضا لو أراد أن لا يدخل ذلك المسجد لفعل، وله مندوحة في غيره.
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ليس على هذا حلف، حسن. وليس القصد المسجد والحمام.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : وإن دخل الحالف بيت جاره، والمحلوف عليه فيه، حنث. وإن دخل المحلوف عليه على الحالف فلا يعجبني. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم : لا شيء عليه، إلا أن ينوي أن لا يجامعه في بيت فيحنث .
قال
محمد : يخرج مكانه، ولا يحنث .
فأجاب
nindex.php?page=showalam&ids=16338ابن القاسم على مراعاة الألفاظ، فيحنث إن دخل هو على المحلوف عليه، ولا يحنث إن دخل عليه المحلوف عليه. وبيته وبيت جاره في الجواب على مراعاة الألفاظ سواء.
وعلى القول الآخر ينظر سبب يمينه، فإن كان; لأن المحلوف عليه كره دخول الحالف بيته، وتأذى منه في شيء; فلا شيء عليه في بيت جاره، أيهما دخل على الآخر، ولا في الإقامة إن لم يخرج.
وكذلك، إن دخل المحلوف عليه بيت الحالف. وإن كان قصده أن لا يجامعه، ولا يجالسه في بيت، خرج مكانه، ولا حنث عليه; لأنه لم يجالسه. وإن لم يخرج، حنث.
[ ص: 1741 ]
وقال فيمن حلف على رجل، أن لا يأكل له طعاما، فدخل ابن الحالف على المحلوف عليه، فأطعمه طعاما، فخرج به الصبي إلى منزل أبيه، فأكله: حنث .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون: لا يحنث; لأن الابن ملك ذلك الخبز، وزال من ملك المحلوف عليه.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في كتاب
محمد ، فيمن حلف، لا يدخل عليه من أخيه هدية ولا منفعة، فدخل ابن له صغير أو كبير، فأصاب اليسير من طعامه، فلا شيء، عليه في الولد الكبير الذي خرج من ولايته، وإن كان صغيرا، فأصاب اليسير الذي لا ينفعه في عون والده، فلا شيء عليه. وإن كان مثل الثوب يكسوه أو طعام يعينه، فقد دخلت عليه منها منفعة، فأراه حانثا .
فلم يحنثه في هذا السؤال لما لم يصرف عنه شيئا من مؤنته ; لأنه حلف لا أنتفع، فلم ينتفع بخلاف الأول. وأحنثه في الكبير على مراعاة اللفظ.
وعلى القول الآخر للحالف أن يرد مثل ما نفع به ولده من الطعام، ولا يحنث; لأنه قصد أن لا يدخل تحت منته.
وكذلك لو كساه ثوبا، فأفناه في غيبة الأب، ثم قدم فعلم بذلك، فعليه
[ ص: 1742 ] غرم قيمته، ولا شيء عليه.
وكذلك، إذا حلف لا يأكل له طعاما ، فأكل مما خرج به ابنه; حنثه على القول بمراعاة اللفظ، ولا يحنث على القول بمراعاة سبب اليمين إذا رد المثل.
وكذلك لو وجد الحالف في بيته طعاما، فأكله، وهو لا يعلم أنه للمحلوف عليه، غرم مثله، ولم يحنث.
[ ص: 1743 ]