ومن ترك الإنفاق عند احتياجه مخافة فقر فالذي فعل الفقر
فإذا ثبت للمرء العلم والعمل وهما شريفان فالتعليم أشرف كما قال، وقد أشار إلى مقام التحصيل والتمتع والتبصير بقوله ( فمن علم) أي: حصل العلم باكتسابه ( وعمل) أي: انتفع به بعد تحصيله ( وعلم) أي: أنفقه على غيره ( فهو الذي يدعى عظيما في ملكوت السماء) وهذا قد تقدم للمصنف في باب فضيلة التعليم وعزاه إلى سيدنا عيسى عليه السلام، وذكرنا هنالك أن العراقي لم يخرجه ولم يشر إليه، وقد أخرجه أبو خيثمة زهير بن حرب في كتاب العلم من طريق عبد العزيز بن ظبيان، قال: قال المسيح عيسى ابن مريم: من تعلم وعلم وعمل فذاك يدعى عظيما في ملكوت السماء; ( فإنه كالشمس) المنيرة ( تضيء لغيرها) بأنوارها، ( وهي مضيئة [ ص: 335 ] في نفسها) وقد كثر تشبيه العلماء العاملين المفيدين بالشمس وبالقمر في كلامهم وسياقاتهم نظما ونثرا ( وكالمسك) أيضا وهو طيب معروف، وقد ورد: أطيب الطيب المسك ( الذي يطيب) غيره بمجرد المجاورة ولو لم يلامسه ( وهو طيب) في نفسه، واقتصر في تشبيهه لهم بالشمس والمسك، لكون كل منهما أشرف في جنسه، وأعم نفعا فالشمس أشرف الأجرام العلوية، ونفعها بين، والمسك أشرف الروائح الطيبة، ومنافعه مشهورة .فما أنت إلا كشبه المسن يسن الحديد ولا يقطع
صرت كأني ذبالة نصبت ( تضيء للناس وهي تحترق)