ولا يجوز بيع العود والصنج والمزامير ، والملاهي فإنه لا منفعة لها شرعا وكذا بيع الصور المصنوعة من الطين كالحيوانات ، التي تباع في الأعياد ، للعب الصبيان ، فإن كسرها واجب شرعا وصور الأشجار متسامح بها وأما الثياب ، والأطباق وعليها صور الحيوانات فيصح بيعها ، وكذا الستور وقد قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة رضي الله عنها اتخذي منها نمارق .
ولا يجوز استعمالها منصوبة ويجوز موضوعة وإذا جاز الانتفاع من وجه ، صح البيع لذلك الوجه .
أحدهما: القلة، كالحبة من الحنطة، والزبيب، وغيرهما، فإن ذلك القدر لا يعد مالا، ولا يبذل في مقابلته المال، ولا ينظر إلى ظهور الانتفاع إذا ضم هذا القدر إلى أمثاله، ولا إلى ما يفرض من وضع الحبة الواحدة في الفخ، ولا فرق في ذلك بين زمان الرخص، والغلاء، ومع هذا فلا يجوز أخذ الحبة والحبتين من صبرة الغير; إذ لو جوزناه لانجر إلى أخذ الكثير، ولو أخذ الحبة ونحوها آخذ فعليه الرد، فإن تلفت فلا ضمان; إذ لا مالية لها، وعن القفال: أنه يضمن مثلها .
والثاني: الخسة (فلا يجوز بيع الحشرات، كالفأرة) وفي نسخة: ولا الفأرة (والحية) والخنفس، والعقرب، والنمل، ونحوها (ولا التفات إلى انتفاع المشعوذ بالحية، وكذلك لا التفات إلى انتفاع أرباب الحلق في إخراجها من السلة، وعرضها على الناس) ولا إلى منافعها المعدودة في الخواص، فإن تلك المنافع لا تلحقها بما يعد في العادة مالا، ونقل أبو الحسن العبادي وجها، أنه يجوز بيع النمل بعسكر مكرم; لأنه يعالج به السكر، وبنصيبين; لأنه يعالج به العقارب الطيارة .
(ويجوز بيع الهرة) ; لأنها ينتفع بها، وقد وصى الشارع عليها، وعدها من الطوافات علينا، وأما ما روي من النهي عن ثمن الهرة، فقال القفال: أراد الهرة الوحشية، أو ليس فيه منفعة استئناس، ولا غيره .
ثم اعلم أن الحيوانات الطاهرة على ضربين:
أحدهما: ما ينتفع به، فيجوز بيعه، كالغنم، والبغال، والحمير، ومن الصيود: كالضب، والغزلان، ومن الطيور: كالحمام، والعصافير، والعقاب .
(و) بيع (النحل) من الكوارة صحيح، إن كان قد شاهد جميعها، وإلا فهو في صورة بيع الغائب، فإن باعها وهي طائرة من الكوارة، فمنهم من صحح البيع، كبيع النعم المسيبة في الصحراء، وهذا ما أورده في التتمة، ومنهم من منعه; إذ لا قدرة على التسليم في الحال، والعود غير موثوق به، وهذا ما أورده في التهذيب، قال النووي: قلت: الأصح الصحة، والله أعلم. ووافق محمد الشافعي في جواز بيع النحل إذا كان محرزا; لأنه حيوان منتفع به، وإن كان لا يؤكل، فصار كالحمار، وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف: لا يجوز بيعه; لأنه من الهوام، كالزنبور، وهوام الأرض، والانتفاع بما يخرج منه لا بعينه، فلا يكون منتفعا به، والشيء إنما يصير مالا بكونه منتفعا به، حتى لو باعه بالكوارات صح، تبعا لها، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14972القدوري في شرحه، وذكر الكرخي: أنه لا يجوز بيعه مع العسل، وقال: الشيء إنما يدخل في العقد تبعا لغيره، إذا كان من حقوقه، كالشرب، والطريق، اهـ .
ومن الحيوانات الطاهرة مما ينتفع به الجوارح، وإليه أشار بقوله: (وبيع [ ص: 428 ] الفهد) وهو حيوان معروف، يقبل التعليم، وفي حكمه الصقر، والبازي .
(و) في بيع (الأسد) والذئب، والنمر، خلاف، فمقتضى سياق المصنف هنا، جواز بيعها، ومقتضى سياقه في الوجيز، المنع، فإنه قال: وبيع السباع التي لا تصيد باطل، أي: لا تصلح للاصطياد والقتال، ولا نظر إلى اقتناء الملوك للهيبة، والسياسة، فليست هي من المنافع المعتبرة، وعن القاضي حسين، حكاية وجه في صحة بيعها; لأنها طاهرة، والانتفاع بجلودها متوقع في المآل .
(وما يصلح للصيد) أي: للاصطياد (أو ينتفع بجلده) أي: ولو في المآل .
ولا يجوز بيع الحدأة، والرخمة، والغراب، وإن كان في أجنحة بعضها فائدة، جاء فيها الوجه الذي حكاه القاضي حسين، وهكذا قال الإمام، لكن بينهما فرق; لأن الجلود تدبغ، فتطهر، ولا سبيل إلى تطهير الأجنحة، قالالنوري في الزيادات: قلت: وجه الجواز: الانتفاع بريشه في النبال، فإنه وإن قلنا بنجاسته، يجوز الانتفاع به في النبال، وغيرها، والله أعلم .
(ويجوز بيع الفيل; لأجل الحمل) عليه، فإنه يحمل أضعاف ما تحمله الجمال، فالانتفاع به حاصل .
(و) من الحيوانات ما ينتفع بلونه، أو صوته، وإليه أشار المصنف بقوله: (يجوز بيع الطوطي، وهو الببغاء) أي: لحسن صوته، أما الببغاء، فبموحدتين، الثانية مشددة، مفتوحة، ثم غين معجمة، طائر معروف، وتعريف الطوطي به غريب، والطوطي لم تعرفه العرب، ولا ذكروه في كتبهم، وقد نقل السيوطي في كتابه، العنوان في أسماء الحيوان، مما زاد به على صاحب حياة الحيوان، وعزاه إلى nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي، ثم قال: وهو الببغاء، وهذا الطائر معروف في بلاد العجم، ويسمونه هكذا، وهو صغير، أصغر من العصفور قليلا، مختلف الألوان، قابل للتعليم، حسن الصوت، يربونه في الأقفاص، ومنه ما هو أصغر من الحمامة، أخضر اللون، طويل الذنب، ومنه ما هو أكدر، يجلب من بلاد الحبش، ويطلق على الكل اسم الطوطي، فإن كانت الكلمة عربية، فيكون من طأطأ عنقه، وهذا الجنس من الطير كذلك، كثير الطأطأة، يتعلق برجليه في غصن، أو خشب، ويطأطئ، وينطق بأصوات غريبة، أو يكون سمي باسم صوته، والله أعلم .
(والطاوس) ; لحسن لونه، وإن كان صوته منفرا (وكذا) سائر (الطيور المليحة الصور) الحسنة الألوان (وإن كانت لا تؤكل، فإن التفرج بأصواتها) ونغماتها (والنظر إليها، غرض مقصود، ومباح) شرعا .
ويلحق بالفهد أو الهرة القرد; لأنه يعلم الأشياء، فيتعلم، فإن قلت: ذكرتم أن النظر إلى الألوان الحسنة غرض مقصود، ومباح، فإذا وجدنا بعض الكلاب على هذا الوصف، فهلا يجوز اقتناؤه؟ فاستدرك المصنف للجواب عنه، حيث قال: (وإنما الكلب هو الذي لا يجوز أن يقتنى إعجابا بصورته) ولونه; (لنهي رسول الله، صلى الله عليه وسلم عنه) في قوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=685166من اقتنى كلبا إلا كلب ماشية، أو ضاريا، نقص من عمله كل يوم قيراطان. رواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، والشيخان، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه أيضا، من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=679708من اقتنى كلبا فإنه ينقص من عمله كل يوم قيراط، إلا كلب حرث، أو ماشية. وقال النووي في الزيادات، نقلا عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في المختصر: لا يجوز اقتناء الكلب إلا للصيد، أو ماشية، أو زرع، وما في معناها، هذا نصه، واتفق الأصحاب على جواز اقتنائه لهذه الثلاثة، وعلى اقتنائه لتعليم الصيد ونحوه، والأصح: جواز اقتنائه لحفظ الدور، والدواب، وتربية الجرو لذلك، وتحريم اقتنائه قبل شراء الماشية، والزرع، وكذا كلب الصيد لمن لا يصيد، والله أعلم .
(ولا يجوز بيع العود) وهو بالضم، من آلات اللهو، معروف، والجمع عيدان، وأعواد (والصنج) بفتح الصاد المهملة، وسكون النون، آخره جيم، قال nindex.php?page=showalam&ids=15253المطرزي: هو ما يتخذ مدورا، يضرب أحدهما بالآخر، ويقال لما يجعل في أطراف الدف من النحاس المدور صغارا صنوج أيضا، وهذا شيء تعرفه العرب، وأما الصنج ذو الأوتار فمختص به العجم، [ ص: 430 ] وكلاهما معرب .
(والمزامير، والملاهي) والطنابير، وغيرها، مما يعد آلة اللهو; (فإنه لا منفعة بها شرعا) إن كانت بحيث لا تعد بعد الرض والحل مالا، فلا يجوز بيعها، والمنفعة التي قبلها لما كانت محظورة شرعا، كانت ملحقة بالمنافع المعدومة حسا، وإن كان الرضاض يعد مالا، بعد ففي جواز بيعها قبل الرض وجهان:
أحدهما: الجواز; لما فيه من المنفعة المتوقعة. وأظهرهما المنع; لأنها على هيئتها آلة الفسق، ولا يقصد فيها غيره، مادام ذلك التركيب باقيا .
(وكذا بيع الصور المصنوعة من الطين، والحيوانات التي تباع في الأعياد، للعب الصبيان، فإن كسرها واجب شرعا) وأما الأصنام، والصور المتخذة من الذهب، والخشب، فيجري فيها الوجهان المذكوران في آلات الملاهي، وتوسط الإمام بين الوجهين، فذكر وجها ثالثا، وهو: أنها إن اتخذت من جواهر نفيسة، صح بيعها; لأنها مقصودة في نفسها، وإن اتخذت من خشب، ونحوه، فلا، وهذا أظهر عنده، وتابعه المصنف في الوسيط، لكن جواب عامة الأصحاب: المنع المطلق، وهو ظاهر سياق الوجيز، ويدل عليه: خبر nindex.php?page=showalam&ids=36جابر المتقدم، في أول الركن .
(وصور الأشجار) في الورق (يتسامح بها) ; لكونها لا ظل لها، ولا أرواح، ويلحق بها صور القصور، والجبال، والبحار، والمدن .
(وأما الثياب، والأطباق التي عليها صور الحيوان) فإنه (يصح بيعها، وكذا الستور) التي ترخى على الأبواب (وقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة) رضي الله عنها: حين اتخذت في بيتها قراما فيه صور، فكرهه صلى الله عليه وسلم، فقال: أميطي عنا قرامك. وقال لها: (اتخذي منه نمارق) جمع نمرقة، أي: وسائد، وهو متفق عليه من حديثها (فلا يجوز استعمالها) حالة كونها (منصوبة) على الحائط، أو غيره (ويجوز) استعمالها (موضوعة) على الأرض (وإذا جاز الانتفاع بها من وجه، صح البيع لذلك الوجه) والله أعلم .