الأول : أن يكون رأس المال معلوما على مثله حتى لو تعذر تسليم المسلم فيه أمكن الرجوع إلى قيمة رأس المال فإن أسلم كفا من الدراهم جزافا في كر حنطة ، لم يصح في أحد القولين .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي: وذكروا في تفسير السلم عبارات متقاربة، منها: أنه عقد على موصوف في الذمة، ببذل يعطى عاجلا. ومنها: أنه استلاف عوض حاضر، في عوض موصوف في الذمة. ومنها: أنه تسليم عاجل في عوض لا يجب تعجيله. وقال الزيلعي، من أصحابنا: هو أخذ عاجل بآجل .
وسمي هذا العقد به; لكونه معجلا على وقته، فإن أوان البيع بعد وجود المعقود عليه في ملك العاقد، والسلم يكون عادة بما ليس بموجود في ملكه، فيكون العقد معجلا .
وينعقد بلفظ السلم، ولا ينعقد بلفظ البيع المجرد; لأنه ورد بلفظ السلم على خلاف القياس، فلا يجوز بغيره، وفي رواية الحسن: ينعقد، وهو الأصح; لأنه بيع، ثم قال: والقياس يأبى جوازه; لأن المسلم فيه مبيع، وهو معدوم، وبيع موجود غير مملوك، أو مملوك غير مقدور على التسليم، لا يجوز، فبيع المعدوم أولى أن لا يجوز، ولكن تركناه بما ذكرناه .
قال المصنف: (وليراع التاجر فيه عشرة شروط) وعبارة الوجيز: والمتفق عليه من شرائطه خمسة، قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي: إنما قال كذلك; لأن معظم الأئمة جعلوا شرائط السلم سبعا، وضموا إلى الخمس: العلم بقدر رأس المال، وبيان موضع التسليم، وفيهما اختلاف سيأتي، وقد تعد أكثر من السبع، وحقيقة الأمر في مثل ذلك لا تختلف .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي: والإعلام تارة يكون بالكيل، والأخرى يكون بالوزن، أو العدد، أو الذرع. اهـ .
وقال أصحابنا: ما أمكن ضبط صفته، ومعرفة قدره، صح السلم فيه; لأنه يفضي إلى المنازعة، وما لا فلا (حتى لو تعذر تسليم المسلم فيه) بسبب من الأسباب (أمكن الرجوع إلى قيمة رأس المال) عند اختلاف .
(فإن أسلم كفا من الدراهم جزافا) من غير عدد (في كر حنطة، لم يصح في أحد القولين) قال الأصبهاني في تعليل المحرر: يجوز أن يكون رأس المال جزافا، غير مقدر، كالثمن، في أصح القولين، وحينئذ معاينته تغني عن العلم بقدره، ولا يشترط تقديره بشيء من الكيل، والوزن، والذرع، كما في البيع، واحتمال الفسخ موجود في البابين، والقول الثاني: أنه لا بد من بيان صفاته، ومعرفة قدره، بإحدى المقدرات; لأنه أحد العوضين في السلم، فلا يجوز أن يكون جزافا، كالمسلم فيه; ولأن السلم عقد منتظر تمامه بتسليم المسلم فيه، وربما ينقطع المسلم فيه في المحل، ورأس المال تالفا، فيدري المسلم إلى ماذا يرجع، وكلامه في المحرر مطلق في جريان القولين من غير فرق بين كون رأس المال مثليا، أو متقوما، وقال في الكبير: هذا في المثليات، وأما في المتقوم، فإن ضبط صفاته في المعاينة ففي معرفة قيمته طريقان، منهم من طرد القولين، والأكثرون قطعوا بصحة السلم، ولا فرق على القولين بين سلم الحال والمؤجل، ومنهم من خصص القولين بالمؤجل، وفي الحال قطع بأن المعاينة كافية كما في البيع .
ثم اعلم أن موضع القولين ما إذا تفرقا قبل العلم بالقدر في الأول، والقيمة في الثاني، وأما إذا علما وتفرقا فلا خلاف في الصحة، اهـ .
قلت: وقوله: فلا يجوز أن يكون جزافا، إلى قوله: إلى ماذا [ ص: 452 ] يرجع، به قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد، واختاره أبو إسحاق، وعزاه صاحب التجريد إلى nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، والقول الأول اختاره المزني وهو أصحهما .