(الفصل الأول في ترجمة عقيدة أهل السنة في كلمتي الشهادة التي هي أحد مباني الإسلام، فنقول وبالله التوفيق: الحمد لله المبدئ المعيد الفعال لما يريد)
وذكر أنه قرأ الخطبة والعقيدة حتى وصل إلى قول nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في العقيدة: وأنه تعالى بعث النبي الأمي محمدا -صلى الله عليه وسلم- إلى كافة العرب والعجم والإنس والجن. قال: فلما بلغت إلى هذا رأيت البشاشة والبشر في وجهه -صلى الله عليه وسلم-، قال: فالتفت إلي وقال: أين nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي؟ فإذا بالغزالي كأنه واقف على الحلقة بين يديه، فقال: ها أنا ذا يا رسول الله. وتقدم وسلم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فرد عليه الجواب، وناوله يده العزيزة، والغزالي يقبل يده ويضع خديه عليها تبركا به وبيده العزيزة المباركة، ثم قعد، قال: فما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر استبشارا بقراءة أحد مثلما كان بقراءتي عليه قواعد العقائد، ثم انتبهت من النوم وعلى عيني أثر الدمع مما رأيت من تلك الأحوال والمشاهدات والكرامات؛ فإنها كانت نعمة جسيمة من الله تعالى، سيما في آخر الزمان، مع كثرة الأهواء، فنسأل الله تعالى أن يثبتنا على عقيدة أهل الحق، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. اهـ .
قوله "في ترجمة" أي: بيان "عقيدة"، وهي فعيلة من العقد، هو الربط لغة، ثم نقل لتصميم القلب على إدراك تصوري أو تصديقي، والمراد بالعقيدة هنا هو ما يدين الإنسان به، و"اعتقد كذا": عقد عليه قلبه وضميره .
و"أهل السنة" تقدم المراد بهم، وأصل السنة الطريقة، والمراد هنا طريقته -صلى الله عليه وسلم- خاصة، وكلمتا الشهادة هي: لا إله إلا الله محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم .
و"هي أحد مباني الإسلام"، إشارة إلى حديث: "بني الإسلام على خمس"، فذكر شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وقد تقدم الحديث وما فيه مفصلا في كتاب العلم، وإنما اقتصر على هاتين الكلمتين لاشتمالهما على جميع مسائل التوحيد، كما أشار له السنوسي وغيره، وتفصيل ذلك أن معنى لا إله إلا الله: لا مستغني عن كل ما سواه ومفتقر إليه كل ما عداه إلا الله، ومعنى الألوهية استغناء الإله عن كل ما سواه، وافتقار كل ما عداه إليه .
فدخل تحت الاستغناء ثمانية وعشرون عقيدة: الوجود، والقدم، والبقاء، والمخالفة للحوادث، والقيام بالنفس، ووجوب السمع له والبصر والكلام ولوازمها، وهي كونه سميعا بصيرا متكلما، وتنزهه عن الغرض في أفعاله وأحكامه، وعن وجوب شيء عليه فعلا وتركا، وعن كون شيء من الممكنات يؤثر بقوة أودعها الله فيه، وأضدادها، فجملتها ثمانية وعشرون عقيدة .
ودخل تحت الافتقار اثنان وعشرون عقيدة: الحياة، وعموم القدرة والإرادة والعلم، ولوازمها، وهي كونه حيا وقادرا ومريدا وعالما، والوحدانية، وحدوث العالم بأسره، وأن لا تأثير لشيء من الكائنات في أثر ما بالطبع، وأضدادها، فجملتها اثنان وعشرون عقيدة .
ودخل تحت قولنا: "محمد رسول الله" اثنتا عشرة عقيدة: وجوب الصدق للرسل والأنبياء، والأمانة، والتبليغ، وأضدادها، والإيمان بسائر الأنبياء والملائكة والكتب السماوية واليوم الآخر، وجواز وقوع [ ص: 18 ] الأعراض البشرية عليهم، وعدم وقوعها، فقد ظهر لك أن قولنا: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" يتضمن اثنتين وستين عقيدة، منها خمسون عقيدة تحت "لا إله إلا الله"، واثنتا عشرة عقيدة تحت "محمد رسول الله" .
كذا أملاه شيخ مشايخنا الشيخ علي الطولوني المحدث من تقرير شيخه سيدي علي الجزائري المغربي الحنفي -رحمه الله تعالى .