إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الثالث : شركة الوجوه وهو أن يكون لأحدهما حشمة وقول مقبول فيكون من جهته التنفيل ، ومن جهة غيره العمل فهذا أيضا باطل .


(الثالثة: شركة الوجوه) وقد فسرت بمعان، أشهرها: أن صورتها أن يشترك رجلان وجيهان عند الناس ليبتاعا في الذمة إلى أجل، على أن ما يبتاعه كل واحد منهما يكون بينهما، فيبيعاه ويؤديا الأثمان، فما حصل فهو بينهما. الثاني: أن يبتاع وجيه في الذمة، ويفوض بيعه إلى خامل، ويشترط أن يكون الربح بينهما، ويقرب منه قول المصنف هنا: (وهو أن يكون لأحدهما شوكة) أي: قوة (وقول مقبول) عند الناس (فيكون من جهته التنفيل، ومن جهة غيره العمل) . والثالث: أن يشترك وجيه لا مال له، وخامل ذو مال، ليكون العمل من الوجيه، والمال من الخامل، ويكون المال في يده، ولا يسلمه إلى الوجيه، والربح بينهما، وهذا تفسير القاضي ابن كج، والإمام، ويقرب منه قول المصنف في الوجيز، وهو: أن يبيع الوجيه مال الخامل بزيادة ربح ليكون بعض الربح له .

وهي على هذه المعاني باطلة عند الشافعي; إذ ليس بينهما مال مشترك يرجع إليه عند المفاضلة، ثم ما يشتريه أحدهما في الصورة الأولى، والثانية، فهو له، يختص به، ربحه وخسرانه، ولا يشاركه فيه الآخر، إلا إذا كان قد صرح بالإذن في الشراء بما هو شرط التوكيل في الشراء، وقصد المشتري، ولا إذن من صاحبه .

وأما الصورة الثالثة فهي ليست بشركة في الحقيقة، وإنما هي قراض فاسد; لاستبداد المالك باليد، فإن لم يكن المال نقدا زاد الفساد، وأما ما أورده في الوجيز فحاصله الإذن في البيع بعوض فاسد، فيصح البيع من المأذون، ويكون له أجرة المثل، وجميع الثمن للمالك .

التالي السابق


الخدمات العلمية