في البدن كالطاعون أو في المال كغلاء السعر أو ما يجري مجراه .
ولا حرج في ذلك بل ربما يجب الفرار في بعض المواضع ، وربما يستحب في بعض بحسب وجوب ما يترتب عليه من الفوائد واستحبابه ولكن يستثنى منه الطاعون فلا ينبغي أن يفر منه لورود النهي فيه .
قال أسامة بن زيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم ثم بقي بعد في الأرض فيذهب المرة ويأتي الأخرى فمن سمع به في أرض فلا يقدمن عليه ومن وقع بأرض وهو بها فلا يخرجنه الفرار منه .
وعن مكحول عن أم أيمن قالت : أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه لا تشرك بالله شيئا وإن عذبت أو خوقت وأطع والديك وإن أمراك أن تخرج من كل شيء هو لك فاخرج منه .
ولا ، تترك الصلاة عمدا فإن من ترك الصلاة عمدا فقد برئت ذمة الله منه وإياك ، والخمر فإنها مفتاح كل شر وإياك ، والمعصية فإنها تسخط الله ولا تفر من الزحف وإن أصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبت فيهم أنفق من طولك على أهل بيتك ولا ترفع عصاك عنهم أخفهم بالله .
(القسم الرابع: السفر هربا مما يقدح في البدن كالطاعون) فاعول من الطعن عدلوا به عن أصله ووضعوه دالا على الموت العام كالوباء ذكره الجوهري (أو في المال لغلاء الأسعار وما يجري مجراه، ولا حرج في ذلك بل ربما يجب الفرار في بعض المواضع، وربما يستحب في بعض) منها (بحسب وجوب ما يترتب عليه من الفوائد واستحبابه ولكن يستثنى منه الطاعون فلا ينبغي أن يفر منه لورود النهي فيه) قال أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحبيل الكلبي الأمير أبو محمد وأبو زيد حب رسول الله وابن حب رسول الله مات بالمدينة سنة أربع وخمسين عن خمس وسبعين سنة، روى له الجماعة (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن هذا الوجع أو) قال: إن هذا (السقم رجز) أي: عذاب وأصله الاضطراب يقال: رجز البعير رجزا إذا تقارب خطوه واضطرب لضعف فيه (عذب الله به بعض الأمم قبلكم) وهم قوم فرعون من بني إسرائيل أمرهم أن يدخلوا الباب سجدا فخالفوا فأرسل الله عليهم ذلك فمات منهم في ساعة سبعون ألفا. وقد ورد التصريح بأنهم من بني إسرائيل في هذا الخبر بعينه كما سيأتي .
(ثم بقي بعد في الأرض فيذهب المرة ويأتي الأخرى فمن سمع به في أرض فلا يقدمن عليه ومن وقع بأرض وهو بها فلا يخرجنه الفرار منه) قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي: أحد الأمرين تأديب وتعليم والآخر تفويض وتسليم، وقال التوربشتي: الله شرع لنا التوقي من المحذور، وقد صح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما بلغ الحجر منع أصحابه من دخوله، وأما نهيه عن الخروج فلأنه إذا خرج الأصحاء ضاعت المرضى من متعهد والموتى من التجهيز والصلاة عليهم. انتهى .
(وقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -رضي الله عنها- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=847795إن فناء أمتي بالطعن والطاعون، فقلت: هذا الطعن قد عرفناه) وهو أن يطعن بعضهم في الحرب بالرماح (فما الطاعون؟ قال) هو (غدة كغدة البعير) قال nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في الفائق: الغدة داء يأخذ البعير فترم نكفتاه له فيأخذه شبه الموت، وفي أمثالهم: أغدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية؟ قاله عامر بن الطفيل عند دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه، (تأخذهم) أي: الآفة (في مراقهم) جمع مرق وهو أسفل البطن مما رق ولان، (المسلم الميت منه شهيد والمقيم عليه المحتسب) وجه الله تعالى أي: طالب الثواب على صبره على خوفه منه وشدته (كالمرابط في سبيل الله) أي: له مثل ثواب الشهيد (والفار منه كالفار من الزحف) ، والفرار من الزحف حين يزحف العدو على المسلمين من غير عذر كبيرة، والفرار من الطاعون وزره مثل وزر ذلك .
(وعن مكحول) أبي عبد الله الدمشقي الفقيه مات سنة بضع عشرة ومائة وروى له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم والأربعة (عن أم أيمن) بركة حاضنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي والدة nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد ماتت في خلافة عثمان -رضي الله عنهما- (قالت: أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعض أصحابه) وفي نسخة: بعض أهله (لا تشرك بالله شيئا وإن عذبت أو خوفت) وفي نسخة: وإن حرقت بالنار، (أطع والديك وإن أمراك أن تخرج عن كل شيء هو لك فاخرج، لا تترك الصلاة عمدا فإن من ترك الصلاة عمدا فقد برئت ذمة الله منه، إياك والخمر) لا تشربه (فإنه مفتاح كل شر، إياك والمعصية فإنها تسخط الله) أي: تغضبه (ولا تفر من الزحف) أي: عند زحف المشركين بالمسلمين (وإن أصاب الناس موتان) بالضم: الموت الكثير الذريع، (وأنت فيهم فاثبت فيهم) أي: لا تنتقل عن موضعك فارا (أنفق من طولك) أي: طاقتك وقدرتك وما طالت به يدك (على أهل بيتك ممن عليك نفقته ولا ترفع عصاك عنهم) لأجل التأديب (أخفهم بالله) .
قال العراقي: رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وقال فيه إرسال. اهـ .
(فهذه الأحاديث تدل على أن الفرار من الطاعون منهي عنه وكذلك القدوم عليه) أما الخروج فلأنه إذا خرج الصحيح ضاع المريض من متعهد وأما الدخول فللتوقي من المحذور (وسيأتي شرح ذلك في كتاب التوكل) إن شاء الله تعالى ذكر هناك أنه إنما نهي عن الخروج كالدخول مع أنه سببه في الطب الهواء، وأظهر طرق التداوي الفرار من الضرر، وترك التوكل في نحوه مباح; لأن الهواء لا يضر من حيث يلاقي ظاهر البدن بل من حيث دوام استنشاقه فإنه إذا كان فيه عفونة وصل إلى الرئة والقلب أثر فيها بطول الاستنشاق فلا يظهر الوباء على الظاهر إلا بعد استحكام الأثير في الباطن، فالخروج لا يخلص لكنه يوهم الخلاص فيصير من جنس الموهمات كالطيرة إلى آخر ما قال على ما سيأتي تفصيله .