في ذكر اختلاف العلماء في إباحة السماع وكشف الحق فيه .
بيان أقاويل العلماء والمتصوفة في تحليله وتحريمه : .
اعلم أن السماع هو أول الأمر ، ويثمر السماع حالة في القلب تسمى الوجد ويثمر الوجد تحريك الأطراف إما بحركة غير موزونة فتسمى الاضطراب وإما موزونة فتسمى التصفيق والرقص فلنبدأ بحكم السماع وهو الأول وننقل فيه الأقاويل المعربة عن المذاهب فيه .
ثم نذكر الدليل على إباحته ثم نردفه بالجواب عما تمسك به القائلون بتحريمه. .
فأما نقل المذاهب فقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب الطبري عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وسفيان وجماعة من العلماء ألفاظا يستدل بها على أنهم رأوا تحريمه. .
وقال : nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في .
كتاب آداب القضاء إن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل ، ومن استكثر منه .
فهو سفيه ، ترد شهادته .
وقال القاضي أبو الطيب استماعه : من المرأة التي ليست بمحرم له لا يجوز عند أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله بحال سواء كانت مكشوفة أو من وراء حجاب وسواء كانت حرة أو مملوكة وقال قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه : صاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه ، ترد شهادته ، وقال وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه كان يكره الطقطقة بالقضيب ويقول وضعته الزنادقة ليشتغلوا به عن القرآن .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : ويكره من جهة الخبر اللعب بالنرد أكثر مما يكره اللعب بشيء من الملاهي ولا أحب اللعب بالشطرنج وأكره كل ما يلعب به الناس ; لأن اللعب ليس من صنعة أهل الدين ولا المروءة .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله فقد نهى عن الغناء وقال : إذا اشترى جارية فوجدها مغنية كان له ردها .
وهو مذهب سائر أهل المدينة إلا ابن سعد وحده .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رضي الله عنه فإنه كان يكره ذلك ويجعل سماع الغناء من الذنوب ، وكذلك سائر أهل الكوفة سفيان nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري وحماد وإبراهيم والشعبي وغيرهم .
فهذا كله نقله nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب الطبري .
ونقل أبو طالب المكي إباحة السماع من جماعة فقال سمع من الصحابة nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير والمغيرة بن شعبة nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية وغيرهم .
(الباب الأول في ذكر اختلاف العلماء في إباحة السماع وكشف قناع الحق فيه)
(بيان أقاويل العلماء) من فقهاء المذاهب (والمتصوفة في تحليله وتحريمه: اعلم أن السماع هو أول الأمر، ويثمر السماع حالة) باطنية (في القلب تسمى الوجد) وهو إحساسه بما هو فيه، (ويثمر الوجد تحريك الأطراف إما بحركة غير موزونة) بالإيقاع (فتسمى الاضطراب) ولا يختص به الأطراف بل تارة يعم سائر الجسد، (وإما موزونة فتسمى التصفيق والرقص) فالتصفيق هو ضرب الكف والرقص هو تمايل الأعضاء كلها .
(فنبدأ بحكم السماع وهو الأول) وما ذكر فإنما هو ثمراته (وننقل فيه الأقاويل المعربة عن المذاهب) المتبوعة فيه (ثم نذكر الدليل على إباحته ثم نردفه) أي: نتبعه (بالجواب عما تمسك به القائلون بتحريمه .
فأما نقل المذاهب فقد نقل القاضي أبو الطيب) طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر (الطبري) شيخ المذهب ولد بآمل طبرستان سنة 348 وسمع بجرجان من أبي أحمد الغطريفي وبنيسابور من nindex.php?page=showalam&ids=15146أبي الحسن الماسرجسي وعليه تفقه، وببغداد من nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب البغدادي nindex.php?page=showalam&ids=11815وأبو إسحاق الشيرازي وهو أخص تلامذته، وأبو محمد الآبنوسي وأبو الشيرازي في جماعة آخرهم موتا أبو بكر [ ص: 456 ] محمد بن عبد الباقي الأنصاري توفي سنة 450 وقد جاوز المائة، وله كتاب في تحريم السماع، وهذا الذي ذكره المصنف عنه فيما بعد من الكتاب المذكور (عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة وسفيان) الثوري وهؤلاء أئمة الإسلام (و) عن (جماعة من العلماء) سواهم (ألفاظا يستدل بها أنهم رأوا تحريمه .
وقال: قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتاب آداب القضاء) من الأم (إن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل، ومن استكثر منه فهو سفيه، ترد شهادته، وقال القاضي أبو الطيب: استماعه من المرأة التي ليست بمحرم له لا يجوز عند أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بحال سواء كانت مكشوفة أو من وراء حجاب وسواء كانت) المرأة (حرة أو مملوكة) له (وقال) أيضا (قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: صاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه، ترد شهادته، وقال) أيضا (حكي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه كان يكره الطقطقة بالقضيب) أي: الضرب به (و) كان (يقول وضعته الزنادقة) جمع زنديق وهو الذي لا يتمسك بشريف ويقول بقدم الدهر (ليشغلوا عن القرآن) أي: عن قراءته والاستمتاع إليه قال (وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي: ويكره من جهة الخير اللعب بالنرد أكثر مما يكره اللعب بشيء من الملاهي) ولفظه في الأم: وأكره بالنرد للتحسير أكثر مما أكره اللعب بشيء من الملاهي. اهـ. كأنه يشير إلى ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى -رضي الله عنه- مرفوعا: nindex.php?page=hadith&LINKID=708717من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله. وإلى ما رواه أيضا سوى الأخيرين، ورواه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=12119أبو عوانة nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16035سليمان بن بريدة عن أبيه مرفوعا: nindex.php?page=hadith&LINKID=676211من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم الخنزير ودمه، (ولا أحب اللعب بالشطرنج) بالفتح على المشهور وقيل: بالكسر وهو المختار، ليكون تغاير الأوزان العربية مثل جردحل إذ ليس في الأوزان العربية فعلل بالفتح غيره، (وأكره كل ما لعب به الناس; لأن اللعب ليس من صنعة أهل الدين ولا المروءة) ، فقد روى nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: nindex.php?page=hadith&LINKID=907383لست من دد ولا دد مني.
(وأما nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله) تعالى (فقد نهى عن الغناء وقال: إذا اشترى جارية فوجدها مغنية كان له ردها وهو مذهب سائر أهل المدينة) أي: عامة فقهائها (إلا إبراهيم بن سعد وحده) هو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري أبو إسحاق المدني نزيل بغداد والد يعقوب وسعد، روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: ثقة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين: ثقة حجة، وقال العجلي: مدني ثقة، وقال أبو حاتم: ثقة، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13107ابن خراش: صدوق، ولد سنة ثمان ومائة ومات سنة خمس وثمانين ومائة روى له الجماعة، وهو أحد شيوخ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وكان تعاطيه الغناء وسماعه أمرا مشهورا عنه لم يختلف النقل فيه، وحكاه عنه الفقهاء في كتبهم ونصبوا الخلاف معه، وحكاه عنه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في كتابه وأجمع أهل الأخبار على نسبة ذلك إليه، وكان لا يسمع الطلبة الحديث حتى يسمعهم الغناء نشيدا ونشيطا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب في التاريخ بسنده: إنه لما قدم إبراهيم بن سعد العراق سنة أربع وثمانين ومائة فأكرمه الرشيد، وسئل عن الغناء فأفتى بتحليله فأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري فسمعه يتغنى فقال: لقد كنت حريصا على أن أسمع منك، وأما الآن فلا سمعت منك حديثا أبدا، فقال: إذا لا أفقد إلا سخطك علي، وعلي لا حدثت ببغداد ما أقمت حتى أغني قبله، فشاعت عنه ببغداد فبلغت الرشيد فدعا به فسأله عن أحاديث المخزومية التي قطعها النبي -صلى الله عليه وسلم- في سرقة الحلي فدعا بعود، فقال الرشيد: أعود مجمر؟ قال: لا، ولكن عود الطرب، فتبسم الرشيد ففهمها إبراهيم فقال: لعله بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني بالأمس وألجأني إلى أن حلفت؟ قال: نعم، فدعا الرشيد بعود فغنى:
يا أم طلحة إن البين قد أفدى قل الثواء لئن كان الرحيل غدا
فقال: هل كان من فقهائكم من يكره السماع؟ فقال: من ربطه الله تعالى، وقد ساقها ابن قتيبة بأتم من هذا السياق، وفيه أن إبراهيم بن سعد أتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري فسمع غناء في الدار وذكر هذا البيت:
كان لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر
قال: فاستأذنت عليه فدخلت وإذا بالعود عن يمينه فقلت: أصلحك الله جئتك في أحاديث nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري لأسمعها [ ص: 457 ] منك فسمعت صوتا أنكرته فقال: والله لا سمعت مني حديثا حتى أغنيك أصواتا ثم تناول العود فقلت: لا حاجة لي في السماع منك حديثا ولا غناء، قال: فمر وانصرف إلى لعنة الله وخزي عذابه، فقمت وأنا أقول: هذا فقيه المدينة يتغنى! فقال: يا عاض ما أنت أعلم بالدين مني ولا أبوك، اذهب أتبعك الله خزيه ومن أشبهك .
وذكر في حكايته أن الرشيد سأله عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وقال: بلغني عنه أنه كان يحرم الغناء، فقال إبراهيم: وهل nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك أن يحلل أو يحرم ولا والله لابن عمك إلا بوحي من الله تعالى، وما أدركت أحدا يحرم الغناء وما أدركت أحدا إلا وهو ينشد شيئا إلا ابن لبيد فإنه كان يقول: لا آمر به ولا أنهى عنه لأني لا أدري أحق هو أم باطل؟ وأما نحن يا أمير المؤمنين فربما أعددناه في الحسنات، وقد ساقها كذلك الفضل بن سلمة في كتاب ملاهي العرب .
(وأما nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة) رحمه الله تعالى، (فإنه كان يكره ذلك ويجعل سماع الغناء من الذنوب، وكذلك سائر أهل الكوفة nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري وحماد) بن أبي سليمان (وإبراهيم) بن يزيد النخعي (و) عامر بن شراحيل (الشعبي وغيرهم كله نقله nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب الطبري) في كتابه المذكور وانفرد بهذه النقول عن الأئمة دون أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، وعليه اعتمد nindex.php?page=showalam&ids=14703الطرطوشي وأبو العباس القرطي وابن الجوزي، ونقلوا عنه كثيرا في تصانيفهم في هذه المسألة، وفي سياقه المذكور مؤاخذات سيأتي ذكرها في أثناء كلام المصنف، وقد عقد الشهاب السهروردي في العوارف أبوابا في حكم السماع منها الباب الثالث والعشرون في القول فيه ردا وإنكارا، قال فيه: وحيث كثرت الفتنة بطريقة وزالت العصمة فيه وتصدى للعرض عليه أقوام قلت أعمالهم وانفسدت أحوالهم وأكثروا الاجتماع للسماع، وربما يتخذ للاجتماع طعام تطلب النفوس الاجتماع لذلك لا رغبة القلوب في السماع كما كان من سير الصادقين، فيصير السماع معلولا تركن إليه النفوس طلبا للشهوات واستحلاء لمواطن اللهو والغفلات، وينقطع بذلك على المريد طلب المزيد، ويكون بطريقة تضييع الأوقات وقلة الحظ من العبادات، وتكون الرغبة في الاجتماع طلبا لتناول الشهوة واسترواحا إلى الطرب واللهو والعشرة، ولا يخفى أن هذا الاجتماع مردود عند أهل الصدق فكان يقال: لا يصح السماع إلا لعارف مكين ولا يصلح لمريد مبتدئ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14021الجنيد: إذا رأيت المريد يطلب السماع فاعلم أن فيه بقية من البطالة، وقيل: إن nindex.php?page=showalam&ids=14021الجنيد ترك السماع فقيل له: أما كنت تسمع فلم تمتنع؟ فقال: مع من؟ قيل: له تسمع أنت لنفسك، فقال: ممن؟ لأنهم كانوا لا يسمعون إلا من أهل مع أهل، فلما فقدوا سماع الإخوان تركوا، فما اختاروا السماع حيث اختاروه إلا بشروط وقيود وآداب يذكرون به الآخرة ويرغبون في الجنة ويحذرون به من النار، ويزداد به طلبهم وتحسن به أحوالهم ويتفق لهم اتفاقا بعض الأحايين لا أن يجعلوه دأبا وديدنا حتى يتركوا لأجله الأوراد .
وقد نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي -رضي الله عنه- قال في كتاب آداب القضاء، ثم ساقه إلى قوله: وضعته الزنادقة ليشغلوا به عن القرآن، وزاد: وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا بأس بالقراءة بالألحان وتحسين الصوت، ثم نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ما تقدم في كلام nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبي الطيب الطبري وقال: وما أباحه إلا نفر قليل من الفقهاء ومن أباحه من الفقهاء أيضا لم ير إعلانه في المساجد والبقاع الشريفة .
وروي أن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مر عليه قوم محرمون، وفيهم رجل يتغنى فقال: ألا لا سمع الله لكم. وروي أن رجلا سأل nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد عن الغناء فقال: أنهاك عنه وأكرهه لك قال: أحرام هو؟ قال: انظر يا ابن أخي إذا ميز الله الحق والباطل ففي [ ص: 458 ] أيهما نجعل الغناء؟ وقال nindex.php?page=showalam&ids=14919فضيل بن عياض: الغناء رقية الزنا. وعن الضحاك: الغناء مفسدة للقلب مسخطة للرب. وقال بعضهم: إياكم والغناء، فإنه يزيد الشهوة ويهدم المروءة، وإنه لينوب عن الخمر ويفعل السكر .
وروي عن الحسن أنه قال: ليس الدف من سنة المسلمين، والذي نقل عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه سمع الشعر لا يدل على إباحة الغناء، فإن حسنه حسن وقبيحه قبيح، وإنما يصير غناء بالألحان، وإن أنصف المنصف وتفكر في اجتماع أهل الزمان وقعود المغني بدفه والمشبب بشبابته وتصور في نفسه هل وقع مثل هذا الجلوس والهيئة بحضرته -صلى الله عليه وسلم- وها استحضروا قوالا وقعدوا مجتمعين لاستماعه، لا شك بأن ينكر ذلك من حاله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ولو كان في ذلك فضيلة تطلب ما أهملوها، وكثيرا ما يغلط الناس في هذا كلما احتج عليهم بالسلف الماضين يحتج بالمتأخرين فكان السلف أقرب عهدا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهديهم أشبه بهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
ثم ذكر عن عبد الله بن عروة بن الزبير عن جدته أسماء، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في الإنكار على من يتساقط عند قراءة القرآن، وكذا عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين في الإنكار على مثلهم ثم قال: وأما إذا انضاف إلى السماع أن يسمع من الأمرد فقد توجهت الفتنة وتعين على أهل الديانة إنكار ذلك، قال nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية بن الوليد كانوا يكرهون النظر إلى الأمرد الجميل، وقال عطاء: كل نظرة يهواها القلب فلا خير فيها، وقال بعض التابعين: اللوطية على ثلاثة أصناف: صنف ينظرون وصنف يعملون ذلك العمل، فقد تعين على طائفة الصوفية الاجتناب عن مثل هذه الاجتماعات واتقاء مواضع التهم، فهذه الآثار دلت على اجتناب السماع وأخذ الحذر منه . اهـ. كلام السهروردي باختصار .
وقال البدر بن جماعة في جواب فتوى رفعت إليه في السماع فقال: هذه مسألة خلافية تباينت فيها الطرق تباينا لا يوجد في غيرها، وصنف فيها العلماء تصانيف ولم يتركوا فيها لقائل مقالا، وملخص القول فيها أن الناس على أربعة أقسام:
فرقة استحسنت، وفرقة أباحت، وفرقة كرهت، وفرقة حرمت. وكل من هذه الفرق على قسمين: فمنهم من أطلق القول، ومنهم من قيده بشرط، ولسنا الآن بصدد التقصي لهذه الأقوال وترجيح بعضها على بعض; لأن هذا الجواب ليس واردا مورد التصنيف بل مورد الإفتاء الذي جرت العادة فيه بالاختصار فلنقتصر على حكاية المذاهب الأربعة .
فأما nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة -رحمه الله- فمذهبه فيه أشد المذاهب وقوله فيه أغلظ الأقوال، وقد صرح أصحابه بأن استماعه فسق والتلذذ به كفر، وليس بعد الكفر غاية. وأما nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك -رحمه الله- فإنه لما سئل عنه قال: إنما يفعله عندنا الفساق، وفي كتب أصحابه إذا اشترى جارية فوجدها مغنية فله أن يردها بالعيب. وأما nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل -رحمه الله-: فإن ابنه عبد الله سأله عنه فقال: يا بني الغناء ينبت النفاق في القلب، ثم ذكر قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: إنما يفعله عندنا الفساق. وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي -رحمه الله- فقد قال في كتاب أدب القضاء: إن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل، وقال لأصحابه بمصر: خلفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن. فإذا كان قوله في التغبير وهو عبارة عن شعر مزهد في الدنيا إذا غنى المغني به ضرب الحاضرون بقضب على نطع أو مخدة ضربا موافقا للأوزان الشعرية فليت شعري ماذا يقول في السماع الواقع في زماننا، فمن قال بإباحة هذا النوع فقد أحدث في دين الله ما ليس منه، انتهى باختصار .
(ونقل) الشيخ (أبو طالب) محمد بن علي بن عطية الحارثي البصري (المكي) -رحمه الله- تعالى في كتابه قوت القلوب (إباحة السماع عن جماعة) من السلف، (وقال سمع من أصحابه عبد الله بن جعفر) بن أبي طالب أحد أجواد بني هاشم ولد بأرض الحبشة، وأمه nindex.php?page=showalam&ids=116أسماء بنت عميس توفي سنة ثمانين وهو ابن ثمانين، روى له الجماعة، وقال الشيخ كمال الدين أبو الفضل جعفر بن تغلب الأدفوي في الإمتاع: وأما عبد الله بن جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنهما- فسماع الغناء عنه مشهور مستفيض نقله عنه كل من أمعن في المسألة من الفقهاء والحفاظ وأهل التاريخ الأثبات، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في الاستيعاب: إنه كان لا يرى بالغناء بأسا، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16392الأستاذ أبو منصور البغدادي في مؤلفه في السماع: كان عبد الله بن جعفر مع كبر شأنه يصوغ الألحان لجواريه ويسمعها منهن على أوتاره [ ص: 459 ] وروى nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار بسنده أن عبد الله بن جعفر راح إلى منزل جميلة يستمع منها لما حلفت أنها لا تغني لأحد إلا في بيتها، وغنت له وأرادت أن تكفر عن يمينها وتأتيه ليستمعه فمنعها .
(وابن الزبير) هو nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد القرشي الأسدي أبو بكر المدني، وأمه nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر الصديق وكان فصيحا ذا لسن وشجاعة بويع له بالخلافة بعد موت nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد بن معاوية وقتله nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج بمكة في أيام عبد الملك ابن مروان سنة ثلاث وسبعين .
وروى له الجماعة .
وروى الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في كتابه: اقتناص السوانح، بسنده عن وهب بن سنان قال: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- يترنم بالغناء. وقال عبد الله: قلما سمعت رجلا من المهاجرين إلا وهو يترنم. وقال nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين وابن أبي الدم: إن الأثبات من أهل التواريخ نقلوا أنه كان nindex.php?page=showalam&ids=16414لعبد الله بن الزبير جوار عوادات وأن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر دخل عليه فرأى العود فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله؟ فناوله له فتأمله nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وقال: هذا ميزان شامي، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير: توزن به العقول، وحكى سماع الغناء عنه أيضا الشيخ تاج الدين الفزاري، نقل هذا كله الأدفوي في الإمتاع .
(والمغيرة بن شعبة) بن أبي عامر بن مسعود أبو عبد الله الثقفي كان يعد من دهاة العرب، تقدمت ترجمته بطولها في كتاب النكاح، وقد حكى سماعه الشيخ تاج الدين الفزاري وغيره، وكان كثير النكاح والتزويج. (ومعاوية) بن أبي سفيان الأموي روى ابن قتيبة بسنده أن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية سمع عند ابنه يزيد بالغناء على العود فطرب لذلك وذكر حكاية مطولة، وساقها أيضا nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد في الكامل، وقال ابن قتيبة في كتاب الرخصة: دخل nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية على عبد الله بن جعفر يعوده فوجد عنده جارية في حجرها عود فقال: ما هذا يا ابن جعفر؟ فقال: هذه جارية أرويها رقيق الشعر فتزيده حسنا لحسن تغنيها، قال: فلتقل، فحركت العود فغنت:
أليس عندك شكر للتي جعلت ما ابيض من قادمات الرأس كالحمم وجددت منك ما قد كان أخلقه طول الزمان وصرف الدهر والقدم
قال فحرك nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية رجله فقال له عبد الله: لم حركت رجلك؟ فقال: إن الكريم طروب .
وحكى nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي في الحاوي أن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص مضيا إلى عبد الله بن جعفر لما استكثر من سماع الغناء وانقطع إليه واشتغل به فمضيا إليه ليكلماه في ذلك، فلما دخلا عليه سكتت الجواري، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية: مرهن يرجعن إلى ما كن عليه، فرجعن فغنين، فطرب معاوية فحرك رجله على رجله على السرير فقال له عمرو: إن من جئت تلحاه أحسن حالا منك، فقال له معاوية: إليك يا عمرو فإن الكريم طروب .
(وغيرهم) منهم أمير المؤمنين nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب نقله nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر nindex.php?page=showalam&ids=13312وابن طاهر في صفوة التصوف، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان نقل nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي في الحاوي وصاحب البيان وغيرهم أنه كانت له جاريتان تغنيان له، فإذا كان وقت السحر قال لهما: أمسكا فإن هذا وقت الاستغفار، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف رواه nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد والزبير بن بكار وغيرهم، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=5أبو عبيدة بن الجراح رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص، رواه ابن قتيبة في كتاب الرخصة، ومنهم أبو مسعود البدري رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=115بلال المؤذن رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا منهم nindex.php?page=showalam&ids=172عبد الله بن الأرقم رواه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد، رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة بن عبد المطلب وقصته في الصحيحين، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رواه طاهر ابن حزم وابن أبي الدم، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=70البراء بن مالك رواه nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم الحافظ، وابن دقيق العيد، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص، رواه ابن قتيبة، وقد تقدم، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير، رواه صاحب الأغاني وصاحب العقد وشارح المقنع، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت رواه صاحب الأغاني، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=188خوات بن جبير ورياح بن المغترف رواهما nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر رواه nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار في الموفقيات، ومنهم nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الصديقية وردت أحاديث كثيرة في سماعها .