قال الله تعالى : رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الصدق يهدي إلى البر والبر " يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا .
وقال أحمد بن حضرويه: من أراد أن يكون الله معه فيلزم الصدق؛ فإن الله تعالى قال: وكونوا مع الصادقين .
(وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الصدق يهدي إلى البر" ) أي: يوصل صاحبه إليه، والبر بالكسر اسم يجمع الخير كله، وقيل: هو التوسع في الخير، وقيل: اكتساب الحسنات واجتناب السيئات .
(و ) إن (البر يهدي إلى الجنة ) يعني: إن الصدق الذي هو بر يدعو إلى ما يكون برا مثله، وذلك يدعو إلى دخول الجنة، فهو سبب لدخولها، ومصداقه قوله تعالى: إن الأبرار لفي نعيم .
(وإن الرجل ) ذكر الرجل وصف طردي، والمراد الإنسان المؤمن (ليصدق ) أي: يلازم الصدق (حتى يكتب عند الله صديقا ) أي: يتكرر منه الصدق ويدوم [ ص: 68 ] عليه قولا وفعلا واعتقادا حتى يستحق اسم المبالغة فيه، ويشتهر بذلك عند الملأ الأعلى، فالمراد بالكتابة الكتابة في اللوح، أو في صحف الملائكة .
(وإن الكذب ) الذي هو مقابل الصدق (يهدي ) أي: يوصل (إلى الفجور ) الذي هو شق ستر الديانة، والميل إلى الفساد، والانبعاث في المعاصي، وهو اسم جامع لكل شر (وإن الفجور يهدي إلى النار ) أي: إلى ما يكون سببا لدخولها، وذلك داع لدخولها (وإن الرجل ليكذب ) أي: يكثر الكذب (حتى يكتب عند الله كذابا ) أي: يحكم له بذلك، ويستحق الوصف .
فمنزلة الصديقين وثوابهم في الأول والكذابين وعقابهم في الثاني، فالمراد إظهاره لخلقه بالكتابة فيما ذكر؛ ليشتهر في الملأ الأعلى، ويلقى في قلوب أهل الأرض، ويوضع على ألسنتهم، كما يوضع القبول والبغضاء في الأرض، ذكره العلائي وغيره، وتبعهم الحافظ في الفتح .
وقال النووي: فيه حث على تحري الصدق والاعتناء به، وتحذير من الكذب والتساهل فيه، فإنه إذا تساهل فيه أكثر منه، وعرف به .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب: الصدق أحد أركان بقاء العالم حتى لو توهم مرتفعا لما صح نظامه وبقاؤه، وهو أصل المحمودات، وركن النبوات، ونتيجة التقوى، ولولاه لبطلت أحكام الشرائع، والاتصاف بالكذب انسلاخ من الإنسانية لخصوصية الإنسان بالنطق، ومن عرف بالكذب لم يعتمد نطقه، وإذا لم يعتمد لم ينتفع، وإذا لم ينتفع صار هو والبهيمة سواء، بل يكون شرا من البهيمة؛ فإنها وإن لم ينتفع بلسانها لا تضر، والكاذب يضر ولا ينفع. اهـ .
رواه كذلك nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري في الأدب المفرد، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود والطيالسي في مسنده: حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن منصور، عن nindex.php?page=showalam&ids=16115أبي وائل، عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=661729 "لا يزال العبد يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، ولا يزال يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا".
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12850القشيري في الرسالة من طريقه، وقد روي نحو ذلك من قول nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16598علي بن الجعد ، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة، سمعت مرة الهمداني قال: كان عبد الله يقول: "عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى الجنة، وما يزال العبد يصدق حتى يكتب عند الله صديقا، ويثبت البر في قلبه، فلا يكون للفجور موضع إبرة يستقر فيه".
وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- رفعه: nindex.php?page=hadith&LINKID=680352 "عليكم بالصدق فإنه مع البر، وهما في الجنة، وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار، وسلوا الله اليقين والمعافاة" الحديث، هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=14724الطيالسي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=14171والحميدي nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري في الأدب المفرد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى والشاشي nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني في الأفراد، nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء .
وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني مثله من حديث nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب nindex.php?page=showalam&ids=12938وابن النجار من حديث أبي بكر بلفظ: "فإنه باب من أبواب الجنة، وباب من أبواب النار" والباقي سواء .