[ ص: 2 ] كتاب النية والإخلاص والصدق .
وهو الكتاب السابع من ربع المنجيات من كتاب إحياء علوم الدين .
بسم الله الرحمن الرحيم .
نحمد الله حمد الشاكرين ونؤمن به إيمان الموقنين ونقر بوحدانيته إقرار الصادقين ونشهد أن لا إله إلا الله رب العالمين وخالق السماوات والأرضين ومكلف الجن والإنس والملائكة المقربين أن يعبدوه عبادة المخلصين ، فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين فما لله إلا الدين الخالص المتين فإنه أغنى الأغنياء عن شركة المشاركين والصلاة على نبيه محمد سيد المرسلين وعلى جميع النبيين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين .
أما بعد ، فقد انكشف لأرباب القلوب ببصيرة الإيمان وأنوار القرآن أن لا وصول إلى السعادة إلا بالعلم والعبادة فالناس كلهم هلكى إلا العالمون والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون والمخلصون على خطر عظيم .
nindex.php?page=treesubj&link=28286_28287فالعمل بغير نية عناء والنية بغير إخلاص رياء وهو للنفاق كفاء ومع العصيان سواء والإخلاص من غير صدق وتحقيق هباء وقد قال الله تعالى في كل عمل كان بإرادة غير الله مشوبا مغمورا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وليت شعري كيف يصحح نيته من لا يعرف حقيقة النية ؟ أو كيف يخلص من صحح النية إذا لم يعرف حقيقة الإخلاص ؟ أو : كيف تطالب المخلص نفسه بالصدق إذا لم يتحقق معناه ؟ . فالوظيفة الأولى على كل عبد أراد طاعة الله تعالى أن يتعلم النية أولا لتحصل ؛ المعرفة ، ثم يصححها بالعمل بعد فهم حقيقة الصدق والإخلاص اللذين هما وسيلتا العبد إلى النجاة والخلاص .
ونحن نذكر معاني الصدق والإخلاص في ثلاثة أبواب .
الباب الأول : في حقيقة النية ومعناها .
الباب الثاني : في الإخلاص وحقائقه .
والباب الثالث : في الصدق وحقيقته .
[ ص: 2 ]
[ ص: 2 ] كِتَابِ النِّيَّةِ وَالْإِخْلَاصِ وَالصِّدْقِ .
وَهُوَ الْكِتَابُ السَّابِعُ مِنْ رُبْعِ الْمُنْجِيَاتِ مِنْ كِتَابِ إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
نَحْمَدُ اللَّهَ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ وَنُؤْمِنُ بِهِ إِيمَانَ الْمُوقِنِينَ وَنُقِرُّ بِوَحْدَانِيَّتِهِ إِقْرَارَ الصَّادِقِينَ وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَخَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ وَمُكَلِّفُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ أَنْ يَعْبُدُوهُ عِبَادَةَ الْمُخْلِصِينَ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=5وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَمَا لِلَّهِ إِلَّا الدِّينُ الْخَالِصُ الْمَتِينُ فَإِنَّهُ أَغْنَى الْأَغْنِيَاءِ عَنْ شَرِكَةِ الْمُشَارِكِينَ وَالصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى جَمِيعِ النَّبِيِّينَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدِ انْكَشَفَ لِأَرْبَابِ الْقُلُوبِ بِبَصِيرَةِ الْإِيمَانِ وَأَنْوَارِ الْقُرْآنِ أَنْ لَا وُصُولَ إِلَى السَّعَادَةِ إِلَّا بِالْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ هَلْكَى إِلَّا الْعَالِمُونَ وَالْعَالِمُونَ كُلُّهُمْ هَلْكَى إِلَّا الْعَامِلُونَ وَالْعَامِلُونَ كُلُّهُمْ هَلْكَى إِلَّا الْمُخْلِصُونَ وَالْمُخْلِصُونَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=28286_28287فَالْعَمَلُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ عَنَاءٌ وَالنِّيَّةُ بِغَيْرِ إِخْلَاصٍ رِيَاءٌ وَهُوَ لِلنِّفَاقِ كَفَاءٌ وَمَعَ الْعِصْيَانِ سَوَاءٌ وَالْإِخْلَاصُ مِنْ غَيْرِ صِدْقٍ وَتَحْقِيقٍ هَبَاءٌ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كُلِّ عَمَلٍ كَانَ بِإِرَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ مَشُوبًا مَغْمُورًا
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=23وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا وَلَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ يُصَحِّحُ نِيَّتُهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ النِّيَّةِ ؟ أَوْ كَيْفَ يُخْلِصُ مَنْ صَحَّحَ النِّيَّةَ إِذَا لَمْ يَعْرِفْ حَقِيقَةَ الْإِخْلَاصِ ؟ أَوْ : كَيْفَ تُطَالِبُ الْمُخْلِصَ نَفْسَهُ بِالصِّدْقِ إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مَعْنَاهُ ؟ . فَالْوَظِيفَةُ الْأُولَى عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَرَادَ طَاعَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَتَعَلَّمَ النِّيَّةَ أَوَّلًا لِتَحْصُلَ ؛ الْمَعْرِفَةُ ، ثُمَّ يُصَحِّحَهَا بِالْعَمَلِ بَعْدَ فَهْمِ حَقِيقَةِ الصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ اللَّذَيْنِ هُمَا وَسِيلَتَا الْعَبْدِ إِلَى النَّجَاةِ وَالْخَلَاصِ .
وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَعَانِيَ الصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ فِي ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ .
الْبَابُ الْأَوَّلُ : فِي حَقِيقَةِ النِّيَّةِ وَمَعْنَاهَا .
الْبَابُ الثَّانِي : فِي الْإِخْلَاصِ وَحَقَائِقِهِ .
وَالْبَابُ الثَّالِثُ : فِي الصِّدْقِ وَحَقِيقَتِهِ .
[ ص: 2 ]