أما قولهم: لا تدرك بالعقول، فإن نفس الغريزة العقلية التي تكون للشخص قد تعجز عن إدراك كثير من الأمور، لا سيما الغائبات،
فمن رام بعقل نفسه أن يدرك كل شيء كان جاهلا، لا سيما إذا طعن في الطرق السمعية النبوية الخبرية.
وهذا هو الذي يسلكه من يسلكه من
الفلاسفة ومن يشبههم من أهل الكلام. وهؤلاء هم الذين يذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14847أبو حامد الغزالي وغيره تهافتهم
[ ص: 327 ] وتناقضهم، وأن ما يدعونه من المعارف الإلهية بعقولهم جمهوره باطل، وإن كان قد وقع في كلامه من كلام هؤلاء أمور، قيل أنه رجع عنها.
ولا ريب أن الرسل صلوات الله عليهم يخبرون الخلق بما تعجز عقولهم عن معرفته، ولا يخبرونهم بما يعلمون امتناعه، فهم يخبرونهم بمحارات العقول لا بمحالاتها، فمن أراد أن يعرف ما أخبرت به الرسل بعقله، كان شبيها بمن قال الله تعالى فيه:
وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته [سورة الأنعام: 124]، وقال:
بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة [سورة المدثر: 52].