قلت: وأما ثبوت حكم الكفر في الآخرة للأطفال، فكان أحمد يقف فيه، تارة يقف عن الجواب، وتارة يردهم إلى العلم، كقوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651295« الله أعلم بما كانوا عاملين» .
وهذا أحسن جوابيه، كما، نقل
محمد بن الحكم عنه،
وسأله عن أولاد المشركين، فقال: أذهب إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: nindex.php?page=hadith&LINKID=651295« الله أعلم بما كانوا عاملين» . ونقل عنه
(أبو طالب أن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله سئل عن أطفال المشركين. فقال: كان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقول: (فأبواه يهودانه وينصرانه) ، حتى سمع:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651295« الله أعلم بما كانوا عاملين» . فترك قوله.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد: (وهي صحاح، ومخرجها كلها صحاح. وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري يقول: من الحديث ما يحدث بها على وجوهها) .
وأما توقف
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في الجواب، (فنقل عنه
علي بن سعيد أنه سأله عن قوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688232فأبواه يهودانه وينصرانه. قال: الشأن في هذا، وقد اختلف الناس، ولم نقف منها على شيء أعرفه) .
وقال
الخلال: (رأيت في كتاب
لهارون المستملي، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله: إذا سأل الرجل عن أولاد المشركين مع آبائهم، فإنه أصل كل
[ ص: 398 ] خصومة، ولا يسأل عنه إلا رجل الله أعلم به، قال: ونحن نمر هذه الأحاديث على ما جاءت، ونسكت، لا نقول شيئا) .
(قال
المروزي: قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله سأل
nindex.php?page=showalam&ids=15533بشر بن السري nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن أطفال المشركين، فصاح به وقال: يا صبي، أنت تسأل عن هذا؟!) .
وكذلك نقل
خطاب بن بشر، nindex.php?page=showalam&ids=15772وحنبل أن
عبد الرحمن بن الشافعي سأل
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن هذا، فنهاه، ولم ينقل أحد قط عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه قال: هم في النار. ولكن طائفة من أتباعه،
nindex.php?page=showalam&ids=14953كالقاضي أبي يعلى وغيره، لما سمعوا جوابه بأنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651295الله أعلم بما كانوا عاملين، ظنوا أن هذا من تمام حديث مروي
« عن nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة رضي الله عنها أنها سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أولادها من غيره، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: هم في النار. فقالت: بلا عمل؟ فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين» . فظن هؤلاء أن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أجاب بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة، وهذا غلط على
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد. فإن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة هذا حديث موضوع كذب لا يحتج بمثله أقل من صحب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، فضلا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد. [ ص: 399 ] nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد إنما اعتمد على الحديث الصحيح، حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، وهو في الصحيحين « عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688232كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟ ثم يقول nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: فطرت الله التي فطر الناس عليها » .
وكذلك في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=687868« عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سئل عن أطفال المشركين. فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين» .
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رجع إلى هذا، بعد أن كان يقول: هم مع آبائهم. فدل على أن هذا جواب من لا يقطع بأنهم مع آبائهم.
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة نفسه، الذي روى هذا الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قد ثبت عنه ما رواه غير واحد، منهم
عبد الرحمن بن أبي حاتم في تفسيره وغيره، من حديث
عبد الرازق: أنبأ
nindex.php?page=showalam&ids=12078معمر، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاووس، عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال:
إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الفترة والمعتوه والأصم والأبكم والشيوخ الذين لم يدركوا الإسلام، ثم أرسل إليهم رسولا: أن ادخلوا النار، فيقولون: كيف ولم يأتنا رسل؟ قال: وايم الله لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما، ثم يرسل [ ص: 400 ] إليهم رسولا، فيطيعه من كان يريد أن يطيعه. ثم قال nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة: اقرءوا إن شئتم: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا [سورة الإسراء : 15].
وروى هذا الأثر عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: nindex.php?page=showalam&ids=16935أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسيره من رواية
محمد بن الأعلى، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16929محمد بن ثور، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12078معمر، ومن رواية
القاسم، عن
الحسين، عن
أبي سفيان، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12078معمر، وقال فيه: (والشيوخ الذين جاء الإسلام وقد خرفوا) فبين
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أن الله لا يعذب أحدا حتى يبعث إليه رسولا، وأنه في الآخرة يمتحن من لم تبلغه الرسالة في الدنيا.
وقد روى هذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. وعن
الأسود بن سريع أيضا، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في المسند: حدثنا
علي بن عبد الله ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17105معاذ بن هشام ثنا أبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس عن
الأسود بن سريع: أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=696557« أربعة يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئا، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في فترة، فأما الأصم فيقول: رب، لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا، وأما الأحمق فيقول: رب، لقد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب، لقد جاء الإسلام وما [ ص: 401 ] أعقل شيئا، وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب، ما أتاني لك رسول. فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، قال: فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما» .
وبالإسناد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، عن
الحسن، عن
أبي رافع، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بمثل هذا الحديث، غير أنه قال في آخره:
nindex.php?page=hadith&LINKID=940030« فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن لم يدخلها يسحب إليها» .
وقد جاءت بذلك عدة آثار مرفوعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعن الصحابة والتابعين، بأنه في الآخرة يمتحن أطفال المشركين وغيرهم ممن لم تبلغه الرسالة في الدنيا. وهذا تفسير قوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651295« الله أعلم بما كانوا عاملين» .
وهذا هو الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري في المقالات عن
أهل السنة والحديث، وذكر أنه يذهب إليه.
وهذا التفصيل يذهب الخصومات التي كره الخوض فيه لأجلها من كرهه. فإن من قطع لهم بالنار كلهم، جاءت نصوص تدفع قوله، ومن قطع لهم بالجنة كلهم، جاءت نصوص تدفع قوله. ثم إذا قيل:
nindex.php?page=hadith&LINKID=938311هم مع آبائهم، لزم تعذيب من لم يذنب، وانفتح باب الخوض في الأمر والنهي،
[ ص: 402 ] والوعد والوعيد، والقدر والشرع، والمحبة والحكمة والرحمة. فلهذا كان أحمد يقول: هو أصل كل خصومة.
فأما جواب النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أجاب به
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد آخرا، وهو قوله «
nindex.php?page=hadith&LINKID=687868الله أعلم بما كانوا عاملين» ، فإنه فصل الخطاب في هذا الباب. وهذا العلم يظهر حكمه في الآخرة، والله تعالى أعلم.