وقوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651296« كل مولود يولد على الفطرة» إنما أراد به الإخبار بالحقيقة التي خلقوا عليها، وعليها الثواب والعقاب في الآخرة، إذا عمل بموجبها وسلمت عن المعارض، لم يرد له الإخبار بأحكام الدنيا، فإنه قد
علم بالاضطرار من شرع الرسول أن أولاد الكفار يكونون تبعا لآبائهم في أحكام الدنيا، وأن أولادهم لا ينتزعون منهم إذا كان للآباء ذمة، وإن كانوا محاربين استرقت أولادهم ولم يكونوا كأولاد المسلمين.
ولا نزاع بين المسلمين أن أولاد الكفار الأحياء مع آبائهم، لكن تنازعوا في الطفل إذا مات أبواه أو أحدهما، هل يحكم بإسلامه؟ فعن
[ ص: 434 ] nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رواية أنه يحكم بإسلامه، لقوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=688232« فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» ، فإذا مات أبواه بقي على الفطرة.
والرواية الأخرى كقول الجمهور: إنه لا يحكم بإسلامه.
وهذا القول هو الصواب، بل هو إجماع قديم من السلف والخلف، بل هو ثابت بالسنة التي لا ريب فيها.
فقد علم أن أهل الذمة كانوا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-
بالمدينة، ووادي القرى، وخيبر، ونجران، وأرض اليمن وغير ذلك، وكان فيهم من يموت وله ولد صغير، ولم يحكم النبي -صلى الله عليه وسلم- بإسلام يتامى أهل الذمة.
وكذلك خلفاؤه كان أهل الذمة في زمانهم طبق الأرض
بالشام ومصر والعراق وخراسان، وفيهم من يتامى أهل الذمة عدد كثير، ولم يحكموا بإسلام أحد منهم، فإن
عقد الذمة اقتضى أن يتولى بعضهم بعضا، فهم يتولون حضانة يتاماهم كما كان الأبوان يتولون حضانة أولادهما. nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد رضي الله عنه يقول: إن الذمي إذا مات ورثه ابنه الطفل، مع قوله في إحدى الروايتين: إنه يصير مسلما، لأن أهل الذمة ما زال أولادهم يرثونهم، ولأن الإسلام حصل مع استحقاق الإرث، لم يحصل قبله. والقول الآخر هو الصواب كما تقدم.
[ ص: 435 ] والمقصود هنا أن قوله:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651296« كل مولود يولد على الفطرة» لم يرد به في أحكام الدنيا، بل في نفس الأمر، وهو ما يترتب عليه الثواب والعقاب، ولهذا لما قال هذا،
nindex.php?page=hadith&LINKID=688161سألوه فقالوا: يا رسول الله: أرأيت من يموت من أطفال المشركين؟ فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين. فإن من بلغ منهم فهو مسلم أو كافر، بخلاف من مات.