قلت: ولقائل أن يقول: هذا يستلزم انقلاب الشيء من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي من غير تجدد سبب يوجب هذا الانقلاب بما لا ينضبط لا في الوجود ولا في العقل، فإن الإمكان الذاتي ثابت بالضرورة والاتفاق، وما من وقت يقدر فيه الإمكان إلا والإمكان ثابت قبله، لا إلى غاية، فليس للإمكان ابتداء محدود.
يبين ذلك: أنه قد يقال:
صحة الحركة أو إمكان الحركة أو جواز [ ص: 395 ] الحركة، وصحة الفعل أو جواز أو إمكان الفعل إما أن يكون به ابتداء وإما أن لا يكون، فإن لم يكن له ابتداء لزم أنها لم تزل جائزة ممكنة، فلا تكون ممتنعة، فتكون جائزة في الأزل. وإن كان لجوازها ابتداء فمعلوم أنه ما من وقت يقدره الذهن إلا والجواز ثابت قبله، فكل ما يقدر فيه الجواز فالجواز ثابت قبله لا إلى غاية ؛ فعلم أنه ليس للجواز بداية، فيكون جواز ثبوت الحركات دائما لا ابتداء له، ويلزم من ثبوت الجواز عدم الامتناع.