الوجه السادس : أن قوله : "إما أن يكون كل جزء من الأجزاء متصفا بهذه الصفات" .
يقال له : إن أردت أنه يتصف به كما تتصف به الجملة ، فهذا لا يقوله عاقل ، فإنه ليس في الأجسام ما يكون صفة جميعه صفة للجوهر الفرد منه ، على الوجه الذي هي به صفة لجميعه ، وإن أردت أنه متصف به كما يليق بذلك الجزء، فلم قلت : إن ما اتصف به بالصفة على هذا الوجه يمكن انفراده عن غيره، فضلا عن كونه إلها؟
وهذا لأنه ليس في جميع ما يعلم من الموصوفين المنفردين بأنفسهم ما هو جوهر فرد ، ولا في شيء مما يشاهد من الموصوفين ما هو جوهر فرد ، بل والجوهر الفرد -بتقدير وجوده- لا يحس به ولا يوجد منفردا، فما كان لا يوجد وحده حتى ينضم إليه أمثاله ، كيف يكون حيا، فضلا عن أن يكون فرسا أو بعيرا؟ فضلا عن أن يكون إنسانا أو ملكا أو جنيا؟ فضلا عن أن يكون إلها؟
[ ص: 194 ]
وهل ذكر مثل هذا في حق الله إلا من أعظم الدليل على جهل قائله؟
فإنهم لا يعلمون شيئا من الجواهر المنفردة يسمى باسم جملته لقيام الصفة بالجملة، فكيف
يجب في حق الله إذا قامت به صفات الكمال أن يكون بتقدير ما ذكروه يجب فيه مثل ذلك؟