وأما المقدمة الثانية فإنه قال:
"قد يجوز أن تكون ماهية الشيء سببا لصفة من صفاته، وأن تكون صفة له سببا لصفة أخرى، مثل الفصل للخاصة، ولكن لا يجوز أن تكون الصفة التي هي الوجود للشيء إنما هي بسبب ماهيته التي ليست هي الوجود، أو بسبب
[ ص: 102 ] صفة أخرى، لأن السبب متقدم في الوجود، ولا متقدم بالوجود قبل الوجود".
فيقال له: هذه مبنية على أن ماهية الشيء مباينة لوجوده، فنقول: إما أن تعني بالماهية والوجود: الماهية العلمية الذهنية، والوجود العلمي الذهني، وإما أن تعني بهما الماهية الموجودة في الخارج، والوجود الثابت في الخارج، وإما أن تعني بالماهية ما في الذهن، وبالوجود ما في الخارج، وإما بالعكس.
فإن عنى الثاني، فلا ريب أن الذي في الخارج هو الموجود المعين، وهو الحقيقة المعينة، والماهية المعينة، ليس هناك شيئان ثابتان: أحدهما هو الموجود، والآخر ماهيته.