الوجه الخامس أن قوى بني
آدم في العلم متفاوتة تفاوتا لا ينضبط طرفاه أعظم من تفاوتهم في قوى الأبدان. ولبعضهم من القوة على استحضار معلومات في وقت واحد ما ليس لبعض، وليس لذلك حد معلوم للناس يعتقدون أن أحدا من البشر لا يمكن أن يكون أقوى من ذلك، بل
فوق كل ذي علم عليم حتى ينتهي ذلك إلى الله تعالى، كما قال السلف وإذا كان بنو
آدم متفاوتين في العلم والقدرة ولم يكن عجز أحدهم عما يقدر عليه الآخر من العلوم والأعمال مانعا من اعتقاده ثبوت ذلك لغيره مع كونه مجانسا له مساويا في الحقيقة، فلأن لا يكون عجز أحدهم عما يوصف الله تعالى به من العلم مانعا من
[ ص: 306 ] اعتقاد وجوب ذلك في ربه -عز وجل- بطريق الأولى والأحرى، ولا يكون ذلك معتقدا ما يخالف محسوسه ولا معقوله.