فصل
وخصائص الشهادتين وعلو قدرها وفضلها كثير جدا ، وكذلك
فضل التوحيد والتهليل كثير جدا في الكتاب والسنة وإجماع الأمة ،
[ ص: 173 ] كقوله :
مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة [إبراهيم :24] ، وقوله :
لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون [الحجر :92 - 93] ، وقوله :
من جاء بالحسنة [الأنعام :160] ، وقوله :
وألزمهم كلمة التقوى [الفتح :26] ، وقوله :
وكلمة الله هي العليا [التوبة :40] إلى غير ذلك مما هو مذكور في كتب التفسير وكتب الحديث والفقه والرقاق والأذكار والأدعية ، كالدعاء للطبراني وغير ذلك .
والمقصود هنا أن هذه الكلمة الطيبة العليا هي لا إله إلا الله ، ففيها نفي الإلهية عما سواه وإثباتها له . والإله من يوله رجاء وخشية وإجلالا وإكراما وعبادة واستعانة وغير ذلك من معاني الإلهية ، وإن كان طائفة من المتكلمين يعتقدون أن الإله هو الخالق ، أو هو الرب ، أو هو القديم ، وأن الإلهية هي القدرة على الاختراع أو صنع العالم أو نحو ذلك ، فهذه كلها صفات لله سبحانه ، بها وجب أن يكون الإله .
والإله هو المعبود الصمد المقصود الذي إليه المنتهى ، والشرك الذي حرمه الله على ألسن رسله ، وحكم بكفر أصحابه عبادة إله سواه ، وإن كان العابد له يعتقد ذلك خلقا من مخلوقاته ، فإن هذا قول جميع المشركين من جميع الأمم ، لم يكن من المشركين من يقول : إن مع الله إلها مساويا له في صفاته أو أفعاله ، أو أنه شاركه في خلق جميع المخلوقات ، بل جمهور من أشرك به يقر بأن شريكه مملوكه ، سواء أشركوا به الملائكة أو الكواكب أو الأنبياء أو الصالحين أو الجن أو
[ ص: 174 ] الأوثان أو الأصنام أو غير ذلك . ومما كانوا يقولون في تلبيتهم : «لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك » . ولهذا قال تعالى :
ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم [الروم :28] . ومن لم يقر بأن شريكه مملوكه -كطائفة من المجوس- يزعم أن الظلمة قديمة مع النور ، فهم يقولون إنها ليست مثله ولا تفعل كفعله ، بل يجعلون ذلك قديما شريرا ملعونا .