فصل
وصف الله أفضل أهل السعادة بالإيمان والهجرة والجهاد
[ ص: 220 ] فصل
وصف الله
أفضل أهل السعادة بالإيمان والهجرة والجهاد ، فقال :
أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله ، والله لا يهدي القوم الظالمين الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم [التوبة :19 - 22] . وقال :
إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم [البقرة :218] .
وهذا الوصف باعتبار يختص بالمهاجرين على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وباعتبار آخر يعم الأنصار ، وباعتبار ثالث يعم كل من اتصف بمعنى ذلك إلى يوم القيامة . وذلك أن لفظ «الهجرة » يراد بها هجرة الوطن ، لكن المقصود بها هجرة ما نهى الله عنه ، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650009«المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه » . وهذا مروي من عدة طرق ، وفي بعضها :
[ ص: 222 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=883398«المهاجر من هجر السيئات » . وهذا المعنى يثبت للأنصار ولكل مؤمن هجر ما نهى الله عنه إلى يوم القيامة ، وهجرة الوطن بدون هذه لا تنفع ، وهذه الهجرة بدون هجرة الوطن تنفع . لكن من هجر مع السيئات المباحات لأجل الله كهجرة داره وماله وأهله ، فهذا أكمل . فالهجرة الأولى للمقتصدين ، وهذه للمقربين .
ولهذا كان المهاجرون أكمل في هذا الوصف ، فخصوا بهذا الاسم ، وقدموا على الأنصار . والأنصار خصوا باسم الأنصار ، والمهاجرون أنصارهم أيضا ، قال تعالى :
يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله [الصف :14] . وهذا بعد قوله :
يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم [الصف :10] . وكل المؤمنين مخاطبون بأن يكونوا أنصار الله .