صفحة جزء
[ ص: 131 ] فتوى في الخضر [ ص: 132 ] [ ص: 133 ] بسم الله الرحمن الرحيم

(قال بعد حكاية القول بحياة الخضر واحتجاج القائلين به ما نصه) :

وقالت طائفة : هو ميت ، فإن حياته ليس فيها دليل يصلح مثله للخروج عن العادة المعروفة في بني آدم ، وذلك بأن حياته ليس فيها خبر صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه . والحديث المذكور في مسند الشافعي مرسل ضعيف . والحديث الذي يروى في اجتماع الخضر وإلياس كل عام بالموسم وافتراقهما على تلك الكلمات هو أضعف من ذلك الحديث ، والكلمات كلمات حسنة ، لكن الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - باجتماعهما كل عام وافتراقهما على هؤلاء الكلمات خبر ضعيف . وإذا لم يكن فيه خبر صحيح عمن علم أمته كل شيء ، [ ص: 134 ] وقال أبو ذر : لقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما ، ونحو ذلك ، مع أنه أخبرهم بقصته مع موسى وتفصيل ما جرى له معه ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "وددت أن موسى صبر حتى يقص علينا من خبرهما" . فلو كان حيا كانت حياته أعجب من ذلك كله ، فكيف لا يخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ أم كيف يخبر به فلا يبلغه أصحابه ولا كان هذا معروفا عندهم؟

وأيضا فلو كان حيا لكان يجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه قد اجتمع به ليلة المعراج من مات قبله ، فكيف لا يجتمع به من هو حي في وقته؟

وأيضا كان يجب عليه الإيمان به والمجاهدة معه ، كما قال تعالى : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم الآية . قال ابن عباس : ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية