وهذا الذي ذكرنا من أن الوقت يكون ثلاثة في حق المعذور مما
[ ص: 366 ] ثبت بالسنة المتواترة وباتفاق المسلمين في الجمع
بعرفة ومزدلفة، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في أمور أخرى،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد أوسع قولا به من غيره، وأما
تفويت الصلاة فلا يجوز بحال في ظاهر مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، ولكن في مذهبه قول بجواز التفويت في بعض الصور، ولكن في مذهبه في مثل عدم الماء والتراب يجوز التفويت. وأما
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة فيوجب التفويت في مواضع، ولا يجوز الجمع إلا
بعرفة ومزدلفة. وقول الأكثرين الذين يسوغون الجمع بين الصلاتين ويمنعون التفويت مطلقا هو الصحيح، كما دل على ذلك الكتاب والسنة، فإن الله تعالى قال:
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ، وثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=36027 "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله" ، وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=914176 "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله" . فالتفويت لا يجوز بحال، وتفويت الخندق منسوخ.
وأما
الجمع بينهما في الوقت المشترك فهو ثابت بالسنة في مواضع متعددة، وبعضها مما أجمع عليه المسلمون، والآثار المشهورة عن الصحابة تبين أن الوقت المشترك وقت في حال العذر، كقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب: الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر. فدل على أن الجمع بينهما للعذر جائز. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة فيمن طهرت في آخر النهار: إنها تصلي الظهر والعصر،
[ ص: 367 ] وفيمن طهرت في آخر الليل: إنها تصلي المغرب والعشاء. وهو قول الثلاثة
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد.
وأما التفويت فلا يجوز بحال، فمن جوز التفويت في بعض الصور فقوله ضعيف وإن جوز الجمع. وأما من أوجب التفويت ومنع الجمع فقد جمع في قوله بين أصلين ضعيفين: بين إباحة ما حرم الله ورسوله وتحريم ما شرعه الله ورسوله، فإنه قد ثبت أن الجمع خير من التفويت.
فبهذا الأصل ينتظم كثير من مسائل المواقيت. وتفويت العصر إلى حين الاصفرار وتفويت العشاء إلى النصف الثاني أيضا لا يجوز إلا لضرورة، والجمع بين الصلاتين خير من الصلاة في هذا الوقت، بل
الصلاة بالتيمم قبل دخول وقت الضرورة خير من الصلاة بالوضوء في وقت الضرورة. وقد نص على ذلك الفقهاء من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره، وقالوا: لا يجوز تأخيرها إلى الاصفرار، بل إذا لم يجد الماء إلا فيه فإنه يصلي بالتيمم قبل الاصفرار، ولا يصليها حين الاصفرار بالوضوء. والله أعلم.