87 - ( فصل )
الطريق العشرون
الحكم بالتواتر ، وإن لم يكن المخبرون عدولا ولا مسلمين . وهذا من أظهر البينات ، فإذا تواتر الشيء عنده ، وتضافرت به الأخبار ، بحيث اشترك في العلم به هو وغيره ، حكم بموجب ما تواتر عنده ، كما إذا تواتر عنده فسق رجل ، أو صلاحه ودينه ، أو عداوته لغيره ، أو فقر رجل وحاجته أو موته أو سفره ، ونحو ذلك حكم بموجبه ، ولم يحتج إلى شاهدين عدلين ، بل بينة التواتر أقوى من الشاهدين بكثير ، فإنه يفيد العلم ، والشاهدان غايتهما أن يفيدا ظنا غالبا .
وقد ذكر أصحابنا -
nindex.php?page=showalam&ids=14953كالقاضي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبي الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل وغيرهم - ما يدل على ذلك ، فإنهم قالوا في الرد على من زعم أن التواتر يحصل بأربعة ، لو حصل العلم بخبر أربعة نفر لما احتاج القاضي - إذا شهد عنده أربعة بالزنا - أن يسأل عن عدالتهم وتزكيتهم .
قال
شيخنا : وهذا يقتضي أن القاضي إذا حصل له العلم بشهادة الشهود لم يحتج إلى تزكية . والتواتر يحصل بخبر الكفار والفساق والصبيان .
وإذا كان يقضي بشهادة واحد مع اليمين ، وبدونها بالنكول ، وبشهادة المرأة الواحدة - حيث يحكم بذلك - فالقضاء بالتواتر أولى وأحرى ، وبيان الحق به أعظم من بيانه بنصاب الشهادة . فإن قيل : فلو تواتر عنده زنا رجل ، أو امرأة ، فهل له أن يحدهما بذلك ؟ .
قيل : لا بد في إقامة الحد بالزنا من معاينة ومشاهدة له ، ولا تكفي فيه القرائن واستفاضته في الناس ولا يمكن في العادة التواتر بمعاينة ذلك ومشاهدته ، للاختفاء به وستره عن العيون ، فيستحيل في العادة أن يتوافر الخبر عن معاينته .
[ ص: 170 ]
نعم ، لو قدر ذلك - بأن أتى ذلك بين الناس أعيانا ، وشهد عدد كثير يقع العلم الضروري بخبرهم - حد بذلك قطعا ، ولا يليق بالشريعة غير ذلك ، ولا يحتمل غيره .