92 - ( فصل )
الطريق الرابع والعشرون
العلامات الظاهرة وقد تقدمت في أول الكتاب ، نزيد هاهنا : أن أصحابنا وغيرهم فرقوا بين الركاز واللقطة بالعلامات .
فقالوا : الركاز ما دفنته الجاهلية ، ويعتبر ذلك برؤية علاماتهم عليه ، كأسماء ملوكهم وصورهم وصلبهم ، فأما ما عليه علامات المسلمين - كأسمائهم أو القرآن ونحوه - فهو لقطة ، لأنه ملك مسلم لم يعلم زواله عنه ، وكذلك إن كانت على بعضه علامة الإسلام ، وعلى بعضه علامة الكفار ، لأن الظاهر : أنه صار لمسلم فدفنه ، وما لا علامة عليه فهو لقطة ، تغليبا لحكم الإسلام . ومنها : أن
اللقيط لو ادعاه اثنان ، ووصف أحدهما علامة مستورة في جسده : قدم في ذلك ، وحكم له وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يحكم بذلك ، كما لو ادعيا عينا سواه ، ووصف أحدهما فيها علامات خفية .
والمرجحون له بذلك فرقوا بينهما بأن ذلك نوع التقاط ، فقدم بالصفة ، كلقطة المال ، وقد دل عليها النص الصحيح الصريح ، وقياس اللقيط على لقطة المال أولى من قياسه على دعوى غيره من الأعيان ، على أن في دعوى العين إذا وصفها أحدهما بما يدل ظاهرا على صدقه نظرا . وقياس المذهب في مسألة تداعي الزوجين : ترجيح الواصف إذا .
وقد جرى لنا نظير هذه المسألة سواء ، وهو أن
رجلين تداعيا صرة فيها دراهم ، فسأل ولي الأمر أحدهما عن صفتها ؟ فوصفها بصفات خفية ، فسأل الآخر ؟ فوصفها بصفات أخرى ، فلما اعتبرت طابقت صفات الأول لها ، وظهر كذب الآخر ، فعلم ولي الأمر والحاضرون صدقه في دعواه وكذب صاحبه ، فدفعها إلى الصادق .
[ ص: 181 ]
وهذا قد يقوى بحيث يفيد القطع ، وقد يضعف ، وقد يتوسط . ومنها :
وجوب دفع اللقطة إلى واصفها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد - في رواية
حرب - إذا جاء صاحبها فعرف الوكاء والعفاص فإنها ترد إليه ، ولا نذهب إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ولا ترد عليه إلا ببينة .
وقال
ابن مشيش : إن جاء رجل فادعى اللقطة وأعطاه علامتها : تدفع إليه ؟ قال : نعم ، وقال : وإذا جاء بعلامة عفاصها ووكائها وعددها فليس في قلبي منه شيء .
ونص أيضا على
المتكاريين يختلفان في دفين في الدار ، كل واحد منهما يدعيه فمن أصاب الوصف كان له ، وبذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : إن غلب على ظن الملتقط صدقه جاز الدفع ، ولم يجب ، وإن لم يغلب لم يجز ، لأنه مدع ، وعليه البينة .
والصحيح : الأول ، لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه " من حديث
أبي بن كعب - فذكر الحديث - وفيه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23660فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فأعطها إياه } .
وفي حديث
زيد بن خالد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23660فإن جاء صاحبها فعرف عفاصها وعددها ووكاءها فأعطها إياه } ( 19 ) " والأمر للوجوب ، والوصف بينة ظاهرة ، فإنها من البيان ، وهو الكشف والإيضاح ، والمراد بها : وضوح حجة الدعوى وانكشافها ، وهو موجود في الوصف .