والراجح أن
المراد بالمقام المحمود الشفاعة التي وردت في الأحاديث المذكورة في المقام المحمود نوعان .
الأول : الشفاعة العامة في فصل القضاء .
الثاني : الشفاعة في إخراج المذنبين من النار .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : اختلف في المقام المحمود على ثلاثة أقوال ، فذكر القولين الشفاعة والإجلاس .
والثالث :
إعطاؤه لواء الحمد يوم القيامة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : وهذا لا يغاير القول الأول ، وأثبت غيره .
رابعا : هو ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم بسند صحيح عن
سعيد بن أبي هلال أحد صغار التابعين ، أنه بلغه أن
المقام المحمود أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكون يوم القيامة بين الجبار وبين جبريل فيغبطه بمقامه ذلك أهل الجمع .
خامسا : وهو ما اقتضاه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة ، وهو ثناؤه على ربه ، ولكنه يغاير الأول أيضا .
قال
الإمام الرازي : القول الأول أولى ، لأن سعيه في الشفاعة يفيد إقدام الناس على حمده ، فيصير محمودا ، وأما ما ذكره من الدعاء فلا يفيد إلا الثواب ، أما الحمد فلا ، فإن قيل : لم لا يجوز أن يقال : إنه تعالى يحمده على هذا القول ؟ فالجواب أن الحمد في اللغة مختص بالثناء المذكور في مقابلة الإنعام فقط ، فإن ورد لفظ "الحمد" في غير هذا المعنى فعلى سبيل المجاز .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي وما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن فرقة ، منها
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، أنها قالت : المقام المحمود هو أن يجلس الله تعالى محمدا -صلى الله عليه وسلم- معه على كرسيه وروت في ذلك حديثا وعضد
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري جواز ذلك بشطط من القول وهو لا يخرج إلا على تلطف في المعنى ، وفيه بعد .
سادسا : وهو ما اقتضاه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود يشفع نبيكم رابع أربعة :
جبريل ثم إبراهيم ثم
موسى أو
عيسى ثم نبيكم ، لا يشفع أحد في أكثر مما يشفع فيه . وهذا الحديث لم يصرح برفعه ، قد ضعفه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وقال : المشهور قوله -صلى الله عليه وسلم- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=708853 "أنا أول شافع" .
قال الحافظ : وعلى تقدير نبوته ، فليس في شيء من طرقه التصريح بأنه المقام المحمود مع أنه يغاير حديث الشفاعة في المذنبين . وجوزه
المحب الطبري .
سابعا : وهو ما اقتضاه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك السابق ذكره فقال بعد أو أورده : هذا .
[ ص: 384 ]
يشعر بأن المقام المحمود غير الشفاعة ثم قال : ويجوز أن تكون الإشارة بقوله : فأقول إلى المراجعة في الشفاعة .
- قال الحافظ : وهو الذي يتجه ، ويمكن رد الأقوال كلها إلى الشفاعة العامة ، فإن إعطاءه لواء الحمد ، وثناءه على ربه ، وكلامه بين يديه ، وجلوسه على كرسيه ، وقيامه أقرب من جبريل ، كل ذلك صفات للمقام المحمود الذي يشفع فيه ليقضي بين الخلق .
وأما
شفاعته -صلى الله عليه وسلم- في إخراج المذنبين من النار فمن توابع ذلك .
قال الحافظ : واختلف في فاعل الحمد من قوله "مقاما محمودا" ، فالأكثر على أن المراد به أهل الموقف ، وقيل : النبي -صلى الله عليه وسلم- أي أنه يحمد عاقبة ذلك المقام المحمود بتهجده في الليل ، والأول أرجح لما ثبت في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- بلفظ "مقاما محمودا يحمده أهل الجمع كلهم" ، ويجوز أن يحمل على أعم من ذلك ، أي مقاما يحمده القائم فيه وكل من عرفه ، وهو مطلق في كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات ، واستحسن هذا أبو حيان وأيده بأنه نكرة ، فدل على أنه ليس المراد مقاما مخصوصا .
التاسعة : وبأن
بيده لواء الحمد .
العاشرة : وبأن
آدم فمن دونه تحت لوائه .
الحادية عشرة : وأنه إمام النبيين يومئذ .
الثانية عشرة : وقائدهم .
الثالثة عشرة : وخطيبهم .
الرابعة عشرة : وبأنه أول من يؤذن له في السجود .
الخامسة عشرة : وبأنه
أول من يرفع رأسه .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار عن
ابن الدرداء- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=701589 "أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة ، وأنا أول من يرفع رأسه " الحديث .
السادسة عشرة :
وأول من ينظر إلى الله تبارك وتعالى .
السابعة عشرة :
وأول شافع ، وأول مشفع كما ثبت في الصحيح . والمراد بهذه الشفاعة- والله تعالى أعلم- الشفاعة في أهل الموقف حين يقرعون إليه بعد الأنبياء ، فيتقدم -صلى الله عليه وسلم- فيكون أول شافع ، وبين أنه -صلى الله عليه وسلم- أول مشفع لتحقق قبول الشفاعة ، وأنها غير مردودة .
- وقال
النووي : معنى أول مشفع : يعني أول من تجاب شفاعته ، فقد يشفع اثنان ، ويجاب الثاني قبل الأول .
[ ص: 385 ]
الثامنة عشرة : وبأنه يسأل في غيره ، وكل الناس يسألون في أنفسهم .
التاسعة عشرة :
وبالشفاعة العظمى في فصل القضاء .
العشرون :
وبالشفاعة في إدخال قوم الجنة بغير حساب .
الحادية والعشرون :
وبالشفاعة في من استحق النار أن لا يدخلها .
الثانية والعشرون : وبالشفاعة في رفع درجات أناس في الجنة ، كما جوز النووي اختصاصه بهذه ، والتي قبلها ووردت به أحاديث في التي قبل ، وصرح به القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=13138وابن دحية .
الثالثة والعشرون :
وبالشفاعة في إخراج عموم أمته من النار حتى لا يبقى منهم أحد .
ذكره
السبكي .
الرابعة والعشرون :
وبالشفاعة لجماعة من صلحاء المسلمين يتجاوز عنهم في تقصيرهم من الطاعات ، ذكره
القزويني في "العروة الوثقى" .
الخامسة والعشرون :
وبالشفاعة من الموقف تخفيفا عمن يحاسب .
السادسة والعشرون :
وبالشفاعة فيمن يخلد في النار من الكفار أن يخفف عنه العذاب يوم القيامة .
السابعة والعشرون :
وبالشفاعة في أطفال المشركين أن لا يعذبوا .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم بسند صحيح قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
"سألت ربي في اللاهين من ذرية البشر أن لا يعذبهم ، فأعطانيها ، قال ابن عبد البر هم الأطفال ، لأن أعمالهم كاللهو واللعب من غير عقد ولا عزم" .
الثامنة والعشرون :
وألا يدخل النار واحدا من أهل بيته فأعطاه ذلك .
التاسعة والعشرون : وبأنه
أول من يجيز على الصراط بأمته . كما في حديث أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- عند الشيخين
nindex.php?page=hadith&LINKID=650764يضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجيز من الرسل بأمته" .
الثلاثون : وبأن له في كل شعرة من رأسه ووجهه نورا ، وليس للأنبياء إلا نوران .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=14155الحكيم الترمذي عن
سالم بن عبد الله- رضي الله تعالى عنه- قال :
بينما رجلان جالسان إذ قال أحدهما : لقد رأيت البارحة كل نبي في الأرض ، فقال الآخر : هات ، قال : رأيت كل نبي معه أربعة مصابيح : مصباح بين يديه ، ومصباح من خلفه ، ومصباح عن يمينه ، ومصباح عن يساره ، ومع كل صاحب له مصباح ، ثم رأيت رجلا قام أضاءت له الأرض ، وكل شعرة في رأسه مصباح ، ومع كل صاحب له أربعة مصابيح : مصباح من بين يديه ، ومصباح من [ ص: 386 ]
خلفه ، ومصباح عن يمينه ، ومصباح عن يساره ، فقلت : من هذا ؟ قالوا : محمد بن عبد الله .
قال كعب : ما هذا الذي تحدث به ؟ قال : رؤيا رأيتها البارحة ، قال : والذي بعث محمدا بالحق إنها لفي كتاب الله- تبارك وتعالى- كما رأيت .
الحادية والثلاثون : وبأنه يؤمر أهل الجنة بغض أبصارهم حتى تمر ابنته على الصراط . كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ، nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=909020 "إذا كان يوم القيامة" قيل : يا أهل الجمع ، غضوا أبصاركم ونكسوا ، فإن فاطمة بنت محمد تجوز على الصراط إلى الجنة ، فتمر ، وعليها ربطتان خضراوان .
الثانية والثلاثون : وبأنه
أول من يقرع باب الجنة كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس- رضي الله تعالى عنه- .
قلت : وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عند الطبراني
nindex.php?page=hadith&LINKID=104561 "أنا أول من يقرع باب الجنة فيقول الخازن : من ؟ فأقول : أنا محمد فأقوم فأفتح لك ، لم أقم لأحد قبلك ولا أقوم لأحد بعدك" .
قال
القطب الخضيري : وفي هذا التحديد على هذا الدوام خصوصية عظيمة ، وهو أن خازن الجنة لا يقوم لأحد غير النبي -صلى الله عليه وسلم- وذلك أن قيامه إليه -صلى الله عليه وسلم- جاء إظهارا لمرتبته ولا يقوم في خدمة أحد بعده ، بل خزنة الجنة يقومون في خدمته وهو كالملك عليهم ، وقد أقامه الله تعالى في خدمة عبده ورسوله حتى مشى إليه وفتح له الباب ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
الثالثة والثلاثون : وبأنه
أول من يدخل الجنة .
الرابعة والثلاثون : وبعده أمته .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=885662 "أنا أول من يدخل الجنة ، وأول من يدخل علي الجنة فاطمة ، ومثلها في هذه الأمة مثل مريم من بني إسرائيل" ، ولا يشكل على ذلك
ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن
بريدة nindex.php?page=hadith&LINKID=702807أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال nindex.php?page=showalam&ids=115لبلال : "بم سبقتني إلى الجنة ؟ فما دخلت الجنة إلا سمعت خشخشتك أمامي . . " الحديث رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، فإن ذلك كان في المنام ، كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر مرفوعا
nindex.php?page=hadith&LINKID=692362 "رأيتني دخلت الجنة ، فسمعت خشخشة ، فقيل : هذا بلال . . " الحديث . فعرف أن ذلك وقع في المنام .
الخامسة والثلاثون :
ومفتاح الجنة بيده -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة .
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=708850 "أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا ، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا ، وقائدهم إذا وفدوا ، وشافعهم إذا حبسوا ، وأنا مبشرهم إذا يئسوا ، ولواء الحمد بيدي ومفتاح الجنة يومئذ بيدي ، وأنا أكرم ولد آدم يومئ . [ ص: 387 ]
على ربي ، يطوف علي ألف خادم كأنهم اللؤلؤ المكنون" .
السادسة والثلاثون : وبالكوثر لا الحوض ، خلافا
لابن سراقة وأبو سعيد النيسابوري ، فقد ورد "لكل نبي حوض" .
السابعة والثلاثون : وبأن
حوضه -صلى الله عليه وسلم- أكبر الحياض .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم ، وعثمان بن سعيد الدارمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
"جعل حوضي أعظم الحياض" .
الثامنة والثلاثون : وأكثرها واردا .
التاسعة والثلاثون : وبالوسيلة . وهي أعلى درجة في الجنة .
قال الإمام
عبد الجليل بن عظوم : الوسيلة التي اختص بها -صلى الله عليه وسلم- هي التوسل ، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يكون في الجنة بمنزلة الوزير من الملك بغير تمثيل ، ولا يصل إلى أحد شيء إلا بواسطته ، وسيأتي بيان جميع ذلك في باب بعثه وحشره آخر الكتاب .
الأربعون : وبأنه سأل ربه [الوسيلة] .
الحادية والأربعون : وبأن
قوائم منبره رواتب في الجنة .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
nindex.php?page=hadith&LINKID=886845 "قوائم منبري رواتب في الجنة" .
ورواه الحاكم من حديث أبي واقد الليثي .
الثانية والأربعون : وبأن منبره على ترعة من ترع الجنة .
روى
ابن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=689209 "منبري هذا على ترعة من ترع الجنة" .
الثالثة والأربعون : وبأن
ما بين قبره ومنبره روضة من رياض الجنة .
رواه الشيخان بلفظ
nindex.php?page=hadith&LINKID=651120 "ما بين بيتي ومنبري" من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه .