الباب الثاني عشر
من إعظامه وإجلاله صلى الله عليه وسلم إعظام جميع أصحابه وأشباهه
وهي ما وصل به- صلى الله عليه وسلم- بالزواج
لقوله- عليه الصلاة والسلام- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=75260«كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري»
ومعاهده وإكرام مشاهده وأمكنته وما لمسه وما عرف به- صلى الله عليه وسلم- .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر أنه بلغ
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان أن
حابس بن ربيعة بن مالك الشامي من بني سامة بن لؤي بصري يشبه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فتوجه إليه
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية فلما دخل عليه قام فتلقاه ، وقبله بين عينيه وأقطعه المرغاب بميم مكسورة وإسكانه فمعجمة لشبهه برسول الله- صلى الله عليه وسلم- .
وروي
nindex.php?page=hadith&LINKID=937641عن صفية بنت نجدة ، قالت : كان لأبي محذورة «قصة» بقاف مضمومة فمهملة مشددة- ما أقبل على الجبهة من شعر الرأس . قال nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد : هي كل خصلة من شعر الرأس وقال الجوهري : هي شعر الناصية في مقدم رأسه إذا قعد وأرسلها أصابت الأرض ، فقيل له : ألا تحلقها فقال : لم أكن بالذي أحلقها وقد مسها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بيده .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى nindex.php?page=hadith&LINKID=942946أنه كان في قلنسوة nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد - بفتح القاف واللام وسكون النون وضم السين المهملة- وهي ما تسمى الآن تبعا- شعرات من شعر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فسقطت قلنسوته في بعض حروبه فشد عليها- أي على القلنسوة- شدة أنكر عليه أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كثرة من قتل فيها ، فقال : لم أفعلها بسبب القلنسوة ، بل لم تضمنته من شعر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لئلا أسلب بركتها ، وتقع في أيدي المشركين .
وروى
ابن سعد عن إبراهيم أن
عبد الرحمن بن عبد القاري قال : رئي
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر واضعا يده على مقعد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من المنبر ثم وضعها على وجهه .
ولهذا كان
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله لا يركب
بالمدينة دابة وكان يقول : استحي من الله تعالى أن أطأ تربة وطئ فيها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بحافر دابة .
وروي أنه وهب
للشافعي كراعا- بكاف مضمومة فراء مخففة ، أي : خيلا- كثيرا كان عنده فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أمسك منها دابة ، فأجابه بمثل هذا الجواب .
وحكى الإمام الجليل
أبو عبد الرحمن السلمي عن
أحمد بن فضلويه الزاهد وكان من الغزاة الرماة أنه قال : ما مسست- بكسر المهملة وقد تفتح- القوس بيدي إلا على طهارة منذ بلغني أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أخذ القوس بيده .
[ ص: 452 ]
وقد أفتى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك - رحمه الله تعالى- فيمن قال : تربة
المدينة رديئة- بالهمزة ، وقد لا تهمز تخفيفا- بضربه ثلاثين درة ، وأمر بحبسه وكان المضروب له قدر فقال الإمام : ما أحوجه إلى ضرب عنقه تربة دفن فيها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يزعم أنها غير طيبة .
وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس - رضي الله تعالى عنهما-
nindex.php?page=hadith&LINKID=651734أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال في المدينة : «من أحدث فيها حدثا أي : منكرا مبتدعا غير مرضي ولا معروف ، أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله تعالى عنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=36255أنه عليه الصلاة والسلام قال : «من حلف على منبري كاذبا فليتبوأ مقعده من النار» .
وحكي أن
أبا الفضل الجوهري لما ورد
المدينة [زائرا وقرب من بيوتها] ترجل ومشى باكيا منشدا :
ولما رأينا رسم من لم يدع لنا فؤادا لعرفان الرسوم ولا لبا نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة
لمن بان عنه أن نلم به ركبا
وأنشأ يقول :
رفع الحجاب لنا فلاح لناظر قمر تقطع دونه الأوهام
وإذا المطي بنا بلغن محمدا فظهورهن على الرجال حرام
قربننا من خير من وطئ الثرى ولها علينا حرمة وذمام
وحكي أن بعض المشايخ حج ماشيا فقيل له في ذلك فقال : العبد الآبق لا يأتي إلى بيت مولاه راكبا لو قدرت أن أمشي على رأسي ما مشيت على قدمي .
قال
القاضي - رحمه الله تعالى- : وجدير- أي حقيق- لمواطن عمرت بالوحي والتنزيل وتردد بها
جبريل وميكائيل وعرجت منها الملائكة والروح ، وضجت- أي صوتت- عرصاتها - جمع عرصة ما وسع من المكان- بالتقديس والتسبيح ، واشتملت تربتها على سيد البشر ، وانتشر عنها من كتاب الله تعالى ودينه وسنة رسوله ما انتشر مدارس آيات ، ومساجد ، وصلوات ، ومشاهد الفضائل والخيرات ، ومعاهد البراهين من الآيات والمعجزات ،
[ ص: 453 ] ومناسك الدين ومشاعر المسلمين ، ومواقف سيد المرسلين ، ومتبوأ خاتم النبيين ، حيث انفجرت النبوة وأين فاض عبابها ومواطن مهبط الرسالة ، وأول موطن مس جلد المصطفى ترابها أن تعظم عرصاتها وتتنسم نفحاتها ، وتقبل ربوعها وجدرانها :
يا دار خير المرسلين ومن به هدي الأنام وخص بالآيات
عندي لأجلك لوعة وصبابة وتشوق متوقد الجمرات
وعلي عهد إن ملأت محاجري من تلكم الجدران والعرصات
لأعفرن مصون شيبي بينها من كثرة التقبيل والرشفات
لولا العوادي والأعادي زرتها أبدا ولو سحبا على الوجنات
لكن سأهدي من حفيل تحيتي لقطين تلك الدار والحجرات
أزكى من المسك المفتق نفحة تغشاه بالآصال والبكرات
وتخصه بزواكي الصلوات ونوامي التسليم والبركات
[ ص: 454 ]