ثم دخلت سنة سبع وأربعين ومائة
فمن الحوادث فيها:
أن الكواكب تناثرت كثيرا .
وفيها:
إغارة الترك على المسلمين بناحية أرمينية ، وسبيهم منهم ومن أهل الذمة خلقا كثيرا ودخلوا بهم
تفليس ، وقتلهم
حرب بن عبد الله الذي تنسب إليه الحربية
ببغداد ، وكان
حرب مقيما
بالموصل في ألفين من الجند ، لمكان
الخوارج الذين
بالجزيرة ، وكان
أبو جعفر حين بلغه تحرك
الترك هناك وجه إليهم
جبريل بن يحيى ، وكتب إلى
حرب يأمره بالمسير معه ، فسار معه ، فقتل وهزم
جبريل وأصيب من ذكرنا .
وفيها: كان مهلك
عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس . وكان السبب: أن
أبا جعفر كان قد عزل
عيسى بن موسى عن
الكوفة وأرضها وولى مكانه
محمد بن سليمان ، وأوفده إلى
مدينة السلام ، فدعا به ، فدفع إليه
عبد الله بن علي سرا في جوف الليل وقال له: يا
عيسى ، إن هذا أراد أن يزيل النعمة عني وعنك ، وأنت ولي عهد بعد
nindex.php?page=showalam&ids=15346المهدي ، والخلافة صائرة إليك ، فخذه إليك واضرب عنقه ، وإياك أن تخور أو تضعف .
ثم كتب إليه: ما فعلت فيما أمرتك به؟ فكتب إليه: قد أنفذت ما أمرت به . فلم يشك
أبو جعفر أنه قد قتل
عبد الله بن علي ، وكان
عيسى حين أخذ
عبد الله بن علي قد ستره ، ودعا كاتبه
يونس بن فروة فقال: إن هذا الرجل دفع إلي عمه فأمرني فيه بكذا
[ ص: 103 ] وكذا . فقال: أراد أن يقتلك ويقتله ، أمرك بقتله سرا ، ثم يدعيه عليك علانية فيقيدك به .
قال: فما الرأي؟ قال: أن تستره في منزلك ولا تطلع على ذلك أحدا ، فإن طلبه منك علانية دفعته إليه علانية ، ولا تدفعه إليه سرا أبدا ، فإنه إن كان أسره إليك سيظهر ، ففعل ذلك
عيسى .
وقدم
nindex.php?page=showalam&ids=15337المنصور ودس على عمومته من يحركهم على مسألته فيه هبة [
عبد الله بن علي لهم] ويطمعهم أنه سيفعل - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=15337المنصور - فجاءوا إليه فكلموه ورققوه ، وأظهروا له الرقة ، وذكروا له الرحم . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15337المنصور : نعم علي
بعيسى بن موسى . فأتى فقال: يا
عيسى ، قد علمت أني دفعت إليك عمي وعمك
عبد الله بن علي قبل خروجي [إلى] الحج ، وأمرتك أن يكون في منزلك . قال: قد فعلت ذلك . قال: وقد كلمني عمومتك فيه ، فرأيت الصفح وتخلية سبيله ، فأتنا به . فقال: يا أمير المؤمنين ، ألم تأمرني بقتله؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15337المنصور : ما أمرتك بقتله . فقال: يا أمير المؤمنين ، أنت أمرتني بقتله . فقال: كذبت ، ما أمرتك بقتله . ثم قال لعمومته: إن هذا قد أقر لكم بقتل أخيكم ، وادعى أني أمرته بذلك ، وقد كذب . قالوا: فادفعه إلينا نقيده . قال: شأنكم به . فأخرجوه إلى
الرحبة ، واجتمع الناس ، واشتهر الأمر ، فقام أحدهم وشهر سيفه وتقدم إلى
عيسى ليضربه ، فقال له
عيسى: أقاتلي أنت؟ قال: إي والله . قال: لا تعجلوا ، ردوني إلى أمير المؤمنين . فردوه إليه . فقال: إنما أردت بقتله أن تقتلني ، هذا عمك حي سوي ، إن أمرتني بدفعه إليك دفعته . قال: ائتنا به . فقال له
عيسى: دبرت علي أمرا فحسبته فكان كما حسبت ، فشأنك بعمك . فأمر به فجعل في بيت .
وتوفي
عبد الله في هذه السنة في الحبس .