ثم دخلت
سنة خمس وعشرين وأربعمائة
فمن الحوادث فيها:
عود العيارين إلى الانتشار ومواصلة الكبسات بالليل والنهار ومضى
nindex.php?page=showalam&ids=12034البرجمي إلى العامل على الماصر الأعلى بقطيعة الدقيق ، فقرر معه أن يعطيه في كل شهر عشرة دنانير من الارتفاع ويطلقوا له سميريتين كبيرتين بغير اعتراض ، وأخذ عهده على مراعاة الموضع ، وواصل البرجمي محال الجانب الشرقي حتى خرب كثير منه ، ودخل خان القوارير بباب الطاق فأخذ منه شيئا عظيما ، وعبر إلى الجانب الغربي وطلب درب الزعفراني . فمنع أصحابه عن نفوسهم ، وتحارس الناس واجتمعوا طول الليل في الدروب وعلى السطوح ، ثم جد الخليفة والسلطان في طلب العيارين .
وورد كتاب من
الموصل ذكر فيه أن ريحا سوداء هبت
بنصيبين فقلعت من بساتينها أكثر من مائتي أصل توتا وعنابا وجوزا ودحت بها على الأرض خطوات ، وأنه كان في بعض البساتين قصر مبني بآجر وحجارة وكلس فرمته من أصله ، ومطر البلد بعد ذلك مطرا وقع معه برد كبار في أشكال الأكف والزنود والأصابع ، وورد الخبر بأن البحر في تلك السواحل جزر نحو ثلاثة فراسخ ، وخرج الناس إلى ما ظهر من الأرض يبتغون السمك والصدف ، فجاء الماء وأخذ قوما منهم .
وكان بالرملة زلازل خرج الناس منها بأولادهم وحرمهم وعبيدهم إلى ظهر البلد ،
[ ص: 240 ] فأقاموا ثمانية أيام وهدمت تلك الزلزلة ثلث البلد تقديرا ، وقطعت المسجد الجامع تقطيعا ، وأهلكت من الناس قوما ، وتعدت إلى نابلس فسقط نصف بنيانها ، وتلف ثلاثمائة نفس من سكانها وقلبت قرية بإزائها فخاست بأهلها وبقرها وغنمهم وخسف بقرى أخر ، وسقط بعض حائط
بيت المقدس ، ووقع من محراب
داود عليه السلام قطعة كبيرة ، ومن مسجد
إبراهيم عليه السلام قطعة إلا أن الحجرة سلمت ، وسقطت منارة المسجد الجامع بعسقلان ، ورأس منارة غزة .
واتفق في هذا الوقت كثرة الموتان
ببغداد لا سيما في النساء وكان معظمه بالخوانيق ، وكان مثل ذلك
بالموصل .
واتصل الخبر بما كان بنواحي
فارس [وشيراز] من الموت ، حتى كانت الدور تسد على أصحابها وأن الفأر متن في الدور .
ثم عاد العيارون فظهروا ، ثم بذلوا حفظ البلد ولزوم الاستقامة فأفرقوا على ذلك وفسح لهم في جباية ما كان أصحاب المسالح يجبونه من الأسواق وأعطوا ما كان لصاحب المعونة من ارتفاع المواخير والقيان ، وكانوا يخاطبون بالقواد .
وفي هذا الأوان خاطب
الدينوري الزاهد الملك في إزالة ضرائب الملح ، وأعلمه ما يتطرق على الناس من الأذى بذلك ، فأمر بذلك وكتب به منشور وقرئ في الجوامع ، وكتب على أبوابها بلعن من يتعرض لإعادة هذه الجباية ، وكانت جارية في الخاص وارتفاعها نحو ألفي دينار في كل سنة .
ثم عاد أمر العيارين فانتشروا واتصلت الفتن بأهل الكرخ مع أهل باب
البصرة والقلائين ، وأهل باب الطاق مع أهل سوق يحيى ، وأهل نهر طابق مع أهل الأرحاء وباب الدير ، ثم انضاف إلى ذلك قتال جرى بين الطائفتين من الأتراك وكثر قتل النفوس ولم يقدر أحد على جناية أو يؤخذ بقود ، وانتشرت العرب ببادرويا وقطربل ، فنهبوا النواحي
[ ص: 241 ] وساقوا المواشي وقطعوا الطريق وبلغوا إلى أطراف
بغداد حتى وصلوا إلى جامع المدينة ، وسلبوا النساء ثيابهن في المقابر .
ثم عاد الجند إلى التشغيب وقالوا: قد كان قررت لنا أمور ما نرى لها أثرا ثم أدخلوا أيديهم في الأموال وخاص السلطان وقدروا ارتفاع ذلك ، فكان أربعة وخمسين ألف دينار سابورية ، وفتحوا الجوالي وطالبوا أهل الذمة بها وخاضوا في أمر دار الضرب وإقامة صاغة فيها ، وفسروا متاعا ورد من
الموصل ، واستوفوا ضرائبه .