ذكر الحوادث سنة إحدى عشرة من النبوة
[بدء إسلام الأنصار] من ذلك:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم يعرض نفسه على القبائل كما كان يصنع في كل موسم ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=889701فبينا هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج فقال: "من أنتم؟" قالوا: من الخزرج . قال: "أفلا تجلسون أكلمكم؟" . قالوا: بلى .
فجلسوا معه ، فدعاهم إلى الله عز وجل ، وعرض عليهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن ، وكان أولئك يسمعون من اليهود أنه قد أظل زمان نبي يبعث ، فلما كلمهم قال بعضهم لبعض: والله إنه النبي الذي يعدكم به يهود ، فلا تسبقنكم إليه . فأجابوه وانصرفوا راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا ، وكانوا ستة وهم:
nindex.php?page=showalam&ids=103أسعد بن زرارة ،
وعوف بن الحارث - وهو ابن عفراء -
ورافع بن مالك بن العجلان ، [
وقطبة بن عامر بن حديدة ] ،
وعقبة بن عامر بن نابي ،
وجابر بن عبد الله بن رئاب .
[ ص: 21 ]
[فلما قدموا]
المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله ، ودعوهم إلى الإسلام حتى [فشا] فيهم ، فلم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروى
أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري قال: أخبرنا
أبو أحمد العسكري قال: أخبرنا
صالح بن أحمد بن أبي مقاتل البغدادي قال: أخبرنا
عبد الجبار بن كثير بن سيار التميمي قال: حدثنا
محمد بن بشران الصنعاني قال:
أخبرنا
أبان بن عبد الله البجلي ، عن
أبان بن ثعلب ، عن
عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
لما أمر الله تعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب ، خرج وأنا معه ، وأبو بكر ، حتى دفعنا إلى مجلس من مجالس العرب ، فتقدم أبو بكر فسلم ، ووقفت أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال علي: وكان
أبو بكر مقدما في كل خير ، وكان رجلا نسابة ، فقال: ممن القوم؟ قالوا: من ربيعة . قال: وأي ربيعة أنتم؟ قالوا: ذهل الأكبر . قال أبو بكر: أمن هامتها أو من لهازمها؟ قالوا: بل من هامتها العظمى . قال: فمنكم عوف الذي يقال له: لا حر بوادي عوف؟ قالوا: لا . قال: فمنكم بسطام بن قيس أبو اللواء ومنتهى الأحياء؟ قالوا: لا . [قال: فمنكم جساس بن مرة حامي الذمار ومانع الجار؟ قالوا: لا] قال: فمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها؟ قالوا: لا . قال: فمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة؟ قالوا: لا . قال: فمنكم أخوال الملوك من كندة؟ قالوا: لا . قال: فمنكم أصهار الملوك من لخم؟ قالوا: لا . قال: فلستم [من] ذهل
[ ص: 22 ] الأكبر ، أنتم [من] ذهل الأصغر . فقام إليه غلام من بني شيبان يقال له: دغفل حين بقل عارضه ، فقال:
إن على سائلنا أن نسأله والعبو لا تعرفه أو تحمله
[يا هذا ، إنك قد سألتنا] فأخبرناك ، ولم نكتمك شيئا ، فممن الرجل؟ فقال أبو بكر: من [قريش . فقال الفتى:] بخ بخ أهل الشرف والرئاسة ، فمن أي قريش أنت؟ قال: من [ولد تيم بن] مرة . فقال الفتى: أمكنت والله الرامي من سواء النقرة ، فمنكم [قصي] الذي جمع القبائل من فهر ، فكان يدعى في قريش مجمعا . قال: لا . قال: فمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه فقيل فيه: (بيت)
عمرو العلا هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف
قال: لا . قال: فمنكم شيبة الحمد [عبد المطلب] مطعم طير السماء الذي كان وجهه يضيء في الليلة الظلماء . قال: لا . قال: أفمن الندوة أنت؟ قال: لا . قال: [أفمن أهل الحجابة أنت؟ قال: لا . قال: فمن أهل السقاية أنت؟ قال: لا] قال: فمن أهل الإفاضة بالناس أنت؟ قال: لا .
وزاد غيره: قال: فأنت إذا من زمعات قريش .
قال: فاجتذب
أبو بكر زمام الناقة ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال الغلام:
[ ص: 23 ] صادف در السيل درا يدفعه يهيضه حينا وحينا يصدعه
أما والله لو ثبت . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه: فقلت: يا أبا بكر ، لقد وقعت من الأعرابي على باقعة .
قال: أجل يا أبا الحسن ، ما من طامة إلا وفوقها طامة ، والبلاء موكل بالمنطق .
قال: فدفعنا إلى مجلس آخر عليهم السكينة والوقار ، فتقدم أبو بكر فسلم ودنا ، فقال: ممن القوم؟ قالوا: من
شيبان بن ثعلبة .
فقال: يا رسول الله ما وراء هؤلاء من قومهم شيء ، هؤلاء غرر الناس ، وفيهم:
مفروق بن عمرو ، وهانئ بن قبيصة ، والمثنى بن حارثة ، والنعمان بن شريك . فقال أبو بكر: كيف العدد فيكم؟ قال مفروق: إنا لنزيد على ألف ، ولن تغلب ألف من قلة . فقال أبو بكر: فكيف المنعة فيكم؟ قال: علينا الجهد ولكل قوم جهد . قال: كيف الحرب بينكم؟ قال: إنا لأشد ما نكون غضبا حين نلقى ، وأشد [ما نكون لقاء حين نغضب] وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد ، والسلاح على اللقاح [ ، والنصر من الله] عز وجل يديلنا مرة ويديل علينا أخرى ، لعلك أخو [قريش . قال أبو بكر] رضي الله عنه: وقد بلغكم أنه رسول الله فها هو ذا . قال
مفروق: بلغنا أنه يذكر ذلك ، فإلى ما يدعو يا أخا قريش؟
فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلس ، وقام أبو بكر يظله بثوبه ، فقال:
"أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأني رسول الله ، وإلى [ ص: 24 ] أن تؤوني وتنصروني ، فإن قريشا قد تظاهرت على أمر الله وكذبت رسله ، وامتنعت بالباطل عن الحق والله هو الغني الحميد" .
فقال مفروق: وإلى ما تدعونا أيضا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا الآية .
فقال
مفروق : إلى ما تدعونا أيضا؟ فوالله ما سمعت كلاما هو أجمل من هذا ، ولو كان من كلام أهل الأرض لفهمناه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن الله يأمر بالعدل والإحسان الآية .
فقال
مفروق : دعوت والله إلى مكارم الأخلاق ، ومحاسن الأعمال ، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك ، وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا .
فقال
ابن قبيصة : قد سمعت مقالتك يا أخا قريش ، وإني أرى تركنا ديننا واتباعنا إياك ، ولكن نرجع وترجع ، وننظر وتنظر ، وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا .
فقال
المثنى: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش ، والجواب جواب هانئ بن قبيصة ، وإنا إنما نزلنا بين صريي اليمامة .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما هاتان الصريان؟" .
قال: مياه العرب ما كان منها مما يلي [أنهار] ( كسرى فذنب صاحبه غير مغفور ، وعذره غير مقبول ، وإنما نزلنا على عهد أخذه كسرى علينا ، أن لا نحدث حدثا ، ولا نؤوي محدثا ، فأنا أرى أن هذا [الأمر] الذي تدعونا إليه تكرهه الملوك ، [فإن
[ ص: 25 ] شئت نؤويك] وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا .
فقال رسول [الله صلى الله عليه وسلم] وسلم: "ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق ، وإن دين الله تعالى لن ينصره إلا من [أحاطه من جميع] جوانبه ، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم ، أتسبحون الله وتقدسونه؟" .
فقال
النعمان بن شريك: اللهم لك ذلك .
فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا . ثم نهض قابضا على يد أبي بكر وهو يقول: "أية أخلاق في الجاهلية ما أشرفها ، يدفع الله بها بأس بعضهم عن بعض وبها يتحاجزون فيما بينهم" .
فما برحنا حتى بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا صدقا صبرا .