قال وأما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله بل قد نهى عنه في مواضع وإن تعلق بأمر الدين كقوله : {
ولا تهنوا ولا تحزنوا } {
لا تحزن إن الله معنا } {
فلا يحزنك قولهم } {
لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم } .
وذلك ; لأنه لا فائدة فيه وما لا فائدة فيه لا يأمر الله به ، نعم ولا يأثم به صاحبه إذا لم يقترن بحزنه محرم وقد يقترن الحزن بما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه فيكون محمودا من تلك الجهة لا من جهة الحزن ،
كالحزين على مصيبة في دينه وعلى مصائب المسلمين عموما ، فهذا يثاب عليه على قدر ما في قلبه من حب الخير وبغض الشر وتوابع ذلك ، ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد وجلب منفعة ودفع
[ ص: 278 ] مضرة نهي عنه وإلا كان حسب صاحبه رفع الإثم عنه من جهة الحزن ، وأما إذا أفضى إلى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر الله به ورسوله كان مذموما ومردودا عليه من تلك الجهة وإن كان محمودا من جهة أخرى .