[ ص: 118 ] فصل في أن (
قبول التوبة فضل من الله )
وقبول التوبة بفضل من الله عز وجل ولا يجب عليه ويجوز ردها قال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل بناء على ذلك الأصل : وأنه يحسن منه كل شيء وأن العقل لا يحكم على أفعاله ولا يقبحها . قال والدلالة على عدم وجوب قبولها في الشرع والعقل أن الله عز وجل أخبر أنه يقبل التوبة عن عباده ، فمتى قال قائل إنه يجب ذلك بالوعد أوجب عليه العفو لأنه قال : {
ويعفو عن السيئات } .
ومعلوم أن العفو تفضل كذلك التوبة قبولها تفضل . ولأنه سبحانه قد ثبت أنه يجب شكره ويستحق العذاب بكفره ، فلو كان قبول التوبة واجبا عليه لما وجب شكره على فعل ما وجب كما لا يجب شكر قاضي الدين . انتهى كلامه .
ومسألة
التحسين والتقبيح وأن العقل يحسن ويقبح قال بذلك من أصحابنا
nindex.php?page=showalam&ids=16854أبو الحسن التميمي nindex.php?page=showalam&ids=11851وأبو الخطاب وقال هو قول عامة أهل العلم من الفقهاء
والمتكلمين وعامة
الفلاسفة وقال به أيضا غيرهما من الأصحاب ، وأكثر الأصحاب لم يقولوا بذلك وهو قول
الأشعرية . والمسألة مشهورة في الأصول وعند
المعتزلة : العقل يحسن ويقبح فأوجبوه عقلا ، وذكر في شرح مسلم أن
أهل السنة قالوا : لا يجب عقلا لكن كرما منه وفضلا ، وعرفنا قبولها بالشرع والإجماع وهذا معنى قول غير واحد من أصحابنا وهو موافق لمن قال منهم : يجب بوعده إخراج غير الكفار منها .
وقد قال
ابن الجوزي في قوله تعالى
[ ص: 119 ] {
وكان حقا علينا نصر المؤمنين } أي واجبا أوجبه هو على نفسه . وأما ما احتج به
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل فلا يخفى وجه ضعفه وحكى القاضي
أبو يعلى الإجماع على وجوب شكره وحمده ومدحه في جميع ما يفعل من الملاذ والمنافع .
وقال
الشيخ تقي الدين : كون المطيع يستحق الجزاء هو استحقاق إنعام وفضل ، ليس هو استحقاق مقابلة كما يستحق المخلوق على المخلوق ، فمن الناس من يقول لا معنى للاستحقاق إلا أنه أخبر بذلك . ووعده صدق ولكن أكثر الناس يثبتون استحقاقا زائدا على هذا كما دل عليه الكتاب والسنة .
قال تعالى {
وكان حقا علينا نصر المؤمنين } ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=41503وقال النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ أتدري ما حق العباد على الله عز وجل إذا فعلوا ذلك ؟ أن لا يعذبهم } لكن
أهل السنة يقولون هو الذي كتب على نفسه الرحمة وأوجب هذا الحق على نفسه لم يوجبه مخلوق .
والمعتزلة يدعون أنه واجب عليه بالقياس على الخلق وأن العباد هم الذين أطاعوا بدون أن يجعلهم مطيعين ، وأنهم يستحقون الجزاء بدون أن يكون هو الموجب ، وغلطوا في ذلك ، وهذا الباب غلطت فيه
القدرية الجبرية أتباع
جهم والقدرية النافية .
وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ المذكور في الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29230كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل فقال يا nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ قلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال : هل تدري ما حق الله على العباد ؟ قلت الله ورسوله أعلم قال أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ثم سار ساعة ثم قال يا nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل قلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال هل تدري ما حق العباد إذا فعلوا ذلك ؟ قلت الله ورسوله أعلم قال أن لا يعذبهم . } .
وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=16723عمرو بن ميمون عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=29230كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير فقال يا nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ هل تدري ما حق الله على عباده وما حق العباد على الله عز وجل قلت الله ورسوله أعلم . قال فإن حق [ ص: 120 ] الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وإن حق العباد على الله عز وجل أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا فقلت يا رسول الله أفلا أبشر به الناس ؟ قال لا تبشرهم فيتكلوا } وإنما أخبر
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بذلك والله أعلم خوفا من إثم كتمان العلم في الصحيحين عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=8033أنه كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم على الرحل فناداه ثلاثا كل مرة يجيبه لبيك يا رسول الله وسعديك قال ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا حرمه الله على النار . قال يا رسول الله أفلا أخبر بها الناس فيستبشرون ؟ قال إذا يتكلوا وأخبر بها nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ عند موته تأثما } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13615ابن هبيرة لم يكن يكتمها إلا عن جاهل يحمله جهله على سوء الأدب بترك الخدمة في الطاعة ، فأما الأكياس الذين سمعوا بمثل هذا ازدادوا في الطاعة ورأوا أن زيادة النعم تستدعي زيادة الطاعة فلا وجه لكتمانها عنهم . وفيه زهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواضعه والإرداف ، وقرب الرديف ، وأراد بندائه ثلاثا استنصاته وحضور قلبه ، وفيه جواز إخفاء بعض العلم للمصلحة في ترك العمل اتكالا على الرخصة . قال : وقوله " ما حق العباد على الله ؟ " أي ما جزاؤهم ؟ فعبر عن الجزاء بالحق . وذكر قول
بنت شعيب :
{
ليجزيك أجر ما سقيت لنا } كذا قال والله أعلم . وتوبة الكافر من كفره ، قبولها مقطوع به جزم به في شرح مسلم
[ ص: 121 ] وغيره وسبق كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل أنه لا يجب ويجوز ردها وتوبة غيره تحتمل وجهين ولم أجد المسألة في كلام أصحابنا .
وذكر في شرح مسلم أن فيها خلافا لأهل السنة في القطع والظن ، واختيار
أبي المعالي الظن وأنه أصح والله أعلم .