مطلب : التواضع لغني لأجل غناه مذموم .
( الثانية ) من
التواضع المذموم تواضعك لغني لأجل غناه . وقد قال صلى الله عليه وسلم {
من تواضع لغني لأجل غناه ذهب ثلثا دينه } .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الشعب عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود من قوله من خضع لغني ووضع له نفسه إعظاما وطمعا فيما قبله ذهب ثلثا مروءته وشطر دينه .
وقد روي مرفوعا من طرق واهية حتى ذكره
ابن الجوزي في الموضوعات وكل ما يروى بمعنى ذلك فهو واه . قاله في التمييز . وفي الزهد
nindex.php?page=showalam&ids=12251للإمام أحمد رضي الله عنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : وجدت في التوراة أربعة أسطر متواليات إحداهن من قرأ كتاب الله عز وجل فظن أن لن يغفر له فهو من المستهزئين بآيات الله . الثانية : ومن شكا مصيبته فإنما شكا ربه . الثالثة : من حزن على ما في يد غيره فقد سخط قضاء ربه . والرابعة : من تضعضع لغني ذهب ثلثا دينه .
[ ص: 233 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك - رحمه الله ورضي عنه - : التكبر على الأغنياء تواضع .
وقال بعض الفلاسفة : أظلم الناس لنفسه من تواضع لمن لا يكرمه .
مطلب : في بعض حكم وأشعار .
( الثالثة ) في بعض حكم وأشعار تتعلق بما نحن بصدده .
قيل
- لبزرجمهر - : أي العيوب أعسر ؟ قال : العجب واللجاج .
وقال بعض الفضلاء : الكبر والإعجاب يسلبان الفضائل ويكسبان الرذائل .
ومر بعض أولاد
المهلب nindex.php?page=showalam&ids=16871بمالك بن دينار وهو يتبختر في مشيته ، فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يا بني لو تركت هذا الخيلاء لكان أجمل ، فقال أوما تعرفني ؟ قال : أعرفك معرفة جيدة ، أولك نطفة مذرة ، وآخرك جيفة قذرة ، وأنت بين ذلك تحمل العذرة .
فأرخى الفتى رأسه وكف عما كان عليه .
وقال
الأحنف : عجبت لمن جرى في مجرى البول مرتين كيف يتكبر .
ونظر
أفلاطون إلى رجل جاهل معجب بنفسه فقال : وددت أني مثلك في ظنك ، وأن أعدائي مثلك في الحقيقة .
ورأى رجلا يختال في مشيته فقال : جعلني الله مثلك في نفسك ، ولا جعلني الله مثلك في نفسه .
وقال
منصور الفقيه :
تتيه وجسمك من نطفة وأنت وعاء لما تعلم
وقال بعضهم :
وأحسن أخلاق الفتى وأتمها تواضعه للناس وهو رفيع
وأقبح شيء أن يرى المرء نفسه رفيعا وعند العالمين وضيع
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في تاريخه أن
يسارا كتب إلى بعض الولاة بهذه الأبيات :
لا تشرهن فإن الذل في الشره والعز في الحلم لا في الطيش والسفه
وقل لمغتبط في التيه من حمق لو كنت تعلم ما في التيه لم تته
التيه مفسدة للدين منقصة للعقل مهلكة للعرض فانتبه
ولا سبيل إلى استقصاء ما ذكره العلماء في آفات الكبر والعجب ومدح التواضع من المنثور والمنظوم ، وفيما ذكرنا كفاية ، والله أعلم