مطلب : في
غض الطرف والتغافل عن زلة الإخوان .
قال متمما لما قدمه ( وغض ) طرفك وتغافل ( عن عوار ) بتثليث العين العيب ، لأن تأمل العيب عيب فالأولى التغافل . قال بعض الحكماء : العاقل هو الحكيم المتغافل . وقيل لبعض العارفين : ما المروءة ؟ قال التغافل عن زلة الإخوان . وفي فروع الإمام
ابن مفلح : حدث رجل للإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ما قيل : العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل ، فقال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه : العافية
[ ص: 398 ] عشرة أجزاء كلها في التغافل . وكثيرا ما وصفت
العرب الكرماء والسادة بالتغافل والحياء في بيوتها وأنديتها .
قال الشاعر
نزر الكلام من الحياء تخاله صمتا وليس بجسمه سقم
وقال آخر :
كريم يغض الطرف دون خبائه ويدنو وأطراف الرماح دواني
وقال كثير :
ومن لم يغمض عينه عن صديقه وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن يتطلب جاهدا كل عثرة يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب
ولما كان إطلاق نظامه يشمل ما يمدحه الشرع ويذمه بين الناظم بأنه إنما يحسن عدم السؤال والتغافل وغض الطرف عن العوار فقال ( إذا لم يذمم ) أي يعب ويشن ( الشرع ) ذلك وإلا وجب السؤال والتفتيش ، فإن التغافل إنما يمدح في أمر المعاش وفي المسامحة في كلمة ، وإهمال أدب من آداب الزوجة مع زوجها ونحو ذلك ، وأما في أمر الدين والعرض فلا يحسن التغافل لا سيما عن الواجبات .
وفي الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14675الغفلة في ثلاث : عن ذكر الله ، وحين يصلي الصبح إلى طلوع الشمس ، وغفلة الرجل عن نفسه في الدين حتى يركبه } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الكبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما .
فإنك أيها الأخ في الله إن فعلت ما أمرتك به من عدم السؤال ومن غض الطرف عن العوار حيث لم يذمه الشرع ( ترشد ) لكل فعل حميد وتسعد ، وتوفق للصواب وتسدد .