مطلب : في
كف اللسان عن الفحشاء وأن يكون على الدوام رطبا بذكر الله : وكف عن العورى لسانك وليكن دواما بذكر الله يا صاحبي ندي ( وكف ) أي ادفع واصرف ( عن ) المقالة والكلمة ( العورى ) بالقصر لضرورة الوزن . قال في القاموس : العوراء الكلمة أو الفعلة القبيحة ، انتهى . ومنه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43631يتوضأ أحدكم من الطعام الطيب ولا يتوضأ من العوراء يقولها } . قال في النهاية أي الكلمة القبيحة الزائغة عن الرشد ( لسانك ) تقدم الكلام عليه بما فيه غنية ( وليكن ) اللام للأمر والفعل مجزوم بها واسم يكن يعود على اللسان و ( دواما ) منصوب بنزع الخافض أي وليكن لسانك على الدوام والاستمرار في كل أحيانك وشئونك إلا ما استثني ( بذكر الله ) تعالى متعلق " بندي " ( يا صاحبي ) السامع لنظامي والممتثل لكلامي ( ندي ) أي رطبا وهو منصوب خبر يكن ، وإنما وقف عليه بالسكون على لغة من يسكن الياء في النصب . قال
أبو العباس المبرد : وهو من أحسن ضرورات الشعر ; لأنه حمل حالة النصب على حالتي الرفع والجر .
ومقتضى كلام
الأشموني في شرح الألفية أن ذلك لغة لا ضرورة . وكلام
[ ص: 491 ] nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد صريح بأنه ضرورة ، واستدل لذلك بقول المجنون
قيس بن الملوح :
ولو أن واش باليمامة داره
وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا
قلت : وهذا البيت في قصيدة
مجنون عامر وهو قيس بن الملوح المذكور ، توفي رحمه الله سنة سبعين وهو من التابعين ، وهذه القصيدة طويلة جدا وفيها يقول :
ألا أيها الركب اليمانون عرجوا علينا فقد أمسى هوانا يمانيا
يمينا إذا كانت يمينا فإن تكن شمالا ينازعني الهوى من شماليا
أصلي فلا أدري إذا ما ذكرتها أثنتين صليت الضحى أم ثمانيا
أراني إذا صليت يممت نحوها بوجهي ولو كان المصلى ورائيا
وما بي إشراك ولكن حبها كمثل الشجا أعيا الطبيب المداويا
وأخرج من بين البيوت لعلني أحدث عنك النفس بالليل خاليا
خليلي لا والله لا أملك الذي قضى الله في ليلى ولا ما قضى ليا
قضاها لغيري وابتلاني بحبها فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا
ولو أن واش باليمامة داره وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا
وماذا لهم لا أحسن الله حالهم من الحظ في تصريم ليلى حباليا
والشاهد في قوله : ولو أن واش ، فكان مقتضى الظاهر أن يقول واشيا ; لأن الفتحة تظهر على المنقوص ، تقول رأيت قاضيا ولكن أجراه مجرى المرفوع والمجرور ، فإذا وقف عليه قال ولو أن واشي بالياء مثل قول الناظم ندي ، فندي منصوب بفتحة مقدرة على الياء لإجراء حالة النصب مجرى حالتي الرفع والجر والله أعلم .
وهذا الذي ذكره الناظم لما رواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وقال صحيح الإسناد عن
عبد الله بن بشر رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5220أن رجلا قال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث - أي أتعلق - به قال : لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله } . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا عن
مالك بن يخامر ولفظه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=6764أن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل رضي الله عنه قال لهم إن آخر كلام فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قلت أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله }
[ ص: 492 ] ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني واللفظ له
nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار إلا أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=642أخبرني بأفضل الأعمال وأقربها إلى الله } . وكذا
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه .
وعن
أبي المخارق قال {
قال النبي صلى الله عليه وسلم مررت ليلة أسري بي ، برجل مغيب في نور العرش ، قلت من هذا ملك ؟ قيل لا ، قلت نبي ؟ قيل لا ، قلت من هو ؟ قال هذا رجل كان في الدنيا لسانه رطب من ذكر الله تعالى وقلبه معلق بالمساجد ولم يستسب لوالديه قط } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا هكذا مرسلا والله أعلم .