( فصل ) قولهم زيد أعلى من عمرو وهو أفضل القوم وأقضى القضاة ونحوه له معنيان : أحدهما أن يراد به تفضيل الأول على الثاني وهو المسمى أفعل التفضيل فإذا قيل زيد أفقه من عمرو فالمعنى أنهما قد اشتركا في أصل الفقه ولكن فقه الأول زاد على فقه الثاني ويقال هذا أضعف من هذا إذا اشتركا في أصل الضعف وقد يعبر العلماء عن هذا بعبارة أخرى فيقولون هذا أصح من هذا ومرادهم أنه أقل ضعفا ولا يريدون أنه في نفسه صحيح وعلى العكس أضعف الإيمان والمراد أنه أقل درجاته وأدنى مراتبه وليس المراد ظاهر اللفظ لأنه يكون ذما وهذه الحال واجبة والواجب لا يكون مذموما ولكنه لما كان دون غيره في القوة كان ضعيفا بالنسبة إلى ذلك وإن كان في نفسه قويا ، والمعنى الثاني أن يكون بمعنى اسم الفاعل فينفرد بذلك الوصف من غير مشارك فيه قال
ابن الدهان ويجوز استعمال أفعل عاريا عن اللام والإضافة ومن مجردا عن معنى التفضيل مؤولا باسم الفاعل أو الصفة المشبهة قياسا عند
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد سماعا عند غيره قال
قبحتم يا آل زيد نفرا ألأم قوم أصغرا وأكبرا
أي صغيرا وكبيرا ومنه قولهم
نصيب أشعر
الحبشة أي شاعرهم إذ لا شاعر فيهم غيره ومنه عند جماعة قوله تعالى {
وهو أهون عليه } أي هين إذ المخلوقات كلها ممكنات والممكنات كلها متماثلات من حيث هي ممكنة لتعلق الجميع بقدرة واحدة فوجب أن يستوي الجميع في نسبة الإمكان ، والقول بترجيح بعضها بلا مرجح ممتنع فلا يكون شيء أكثر سهولة من شيء .
وزيد الأحسن والأفضل أي الحسن والفاضل ويقال لأخوين مثلا زيد الأصغر وعمرو الأكبر أي الصغير والكبير وعلى هذا المعنى يوسف أحسن إخوته أي حسنهم فالإضافة للتوضيح والبيان مثل " شاعر البلد " وأما أبعد الأجلين وأقصى الأجلين إذا كانا بعيدين فمن القسم الأول ، وإن كان أحدهما قريبا والآخر بعيدا فهو مثل " زيد الأكبر وعمرو الأصغر " وشبهه .
[ ص: 710 ] وقال
ابن السراج : أيضا ويراد بأفعل معنى فاعل فيثنى ويجمع ويؤنث فتقول زيد أفضلكم والزيدان أفضلاكم والزيدون أفضلوكم وأفاضلكم وهند فضلاكم والهندان فضلياكم والهندات فضلياتكم وفضلكم ومنه قولهم محاذاة الأسفل الأعلى أي السافل العالي .
وقال تعالى {
وأنتم الأعلون } أي العالون ويجوز إضافة أفعل التفضيل إلى المفضل عليه فيشترط أن يكون المفضل بعض المفضل عليه فتقول زيد أفضل القوم والياقوت أفضل الحجارة ولا يجوز الياقوت أفضل الخزف لأنه ليس منه قالوا وعلى هذا فلا يقال يوسف أحسن إخوته لأن فيه إضافتين إحداهما إضافة أحسن إلى إخوته والثانية إضافة إخوته إلى ضمير يوسف وشرط أفعل هذا أن يكون بعض ما يضاف إليه ، وكونه بعض ما يضاف إليه يمنع من إضافة ما هو بعضه إلى ضميره لما فيه من إضافة الشيء نفسه ويقال زيد أفضل عبد بالإضافة وأفضل عبدا بالنصب على التمييز والمعنى على الإضافة أنه متصف بالعبودية مفضل على غيره من العبيد وعلى النصب ليس هو متصفا بالعبودية بل المتصف عبده والتفضيل لعبده على غيره من العبيد فالمنصوب بمنزلة الفاعل كأنه قيل زيد فضل عبده غيره من العبيد ومثله قولهم زيد أكرم أبا وأكثر قوما فالتفضيل باعتبار متعلقه كما يخبر عنه باعتبار متعلقه نحو قولهم زيد أبوه قائم .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي معنى ثالثا فقال تقول
العرب زيد أفضل الناس وأكرم الناس أي من أفضل الناس ومن أكرم الناس وإذا كان أفعل التفضيل مصحوبا بمن فهو مفرد مذكر مطلقا لأنه مفتقر في إفادة في معناه وتمامه إلى من كافتقار الموصول إلى صلته والموصول بلفظ واحد مطلقا فكذلك ما أشبهه وإذا كان بالألف واللام فلا بد من المطابقة تقول زيد الأفضل وهند الفضلى وهما الأفضلان والفضليان وهم الأفضلون وهن الفضليات والفضل وإن كان مضافا إلى معرفة نحو أفضل القوم جاز أن يستعمل استعمال المصحوب بمن وجاز أن يستعمل استعمال المعرف باللام وقيل إن كانت من منوية معه فهو كما لو كانت موجودة في اللفظ وإن لم تكن منوية فالمطابقة ويجمع أفعل التفضيل مصححا نحو الأفضلون ويجيء أيضا على الأفاعل نحو
[ ص: 711 ] الأفاضل فإن كان أفعل لغير التفضيل لم يجمع مصححا قال
الفارابي أفعل وفعلاء إذا كانا نعتين جمعا على فعل نحو أحمر وحمراء وحمر وإذا كان أفعل اسما جمع على أفاعل نحو الأبطح والأباطح والأبرق والأبارق وإذا قيل زيد أفضل من القوم وزيد أفضل القوم فهما في التفضيل بمعنى لكنهما يفترقان من وجه آخر وهو أن المصحوب بمن منفصل من المفضل عليه والمضاف بعض المفضل عليه ولهذا لا يقال زيد أفضل الحجارة لأنه ليس منها ويقال زيد أفضل من الحجارة لأنه منفصل عنها وتمرة خير من جرادة والخير أفضل من الشر والبر أفضل من الشعير وأما من فمعناها ابتداء الغاية قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد إذا قلت زيد أفضل من عمرو فمعناه أنه ابتدأ فضله في الزيادة من عمرو .
وقال بعضهم معناه يزيد فضله مترقيا من عند عمرو وهو معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد ويجوز في الشعر تقديم من ومعموله على المفضل عليه قال الشاعر
فقالت لنا أهلا وسهلا وزودت جنى النحل أو ما زودت منه أطيب
وقال الآخر :
ولا عيب فيها غير أن قطوفها سريع وأن لا شيء منهن أطيب
وقد اقتصرت في هذا الفرع أيضا على ما يتعلق بألفاظ الفقهاء وسلكت في كثير منه مسالك التعليم للمبتدئ والتقريب على المتوسط ليكون لكل حظ حتى في كتابته .
وهذا ما وقع عليه الاختيار من اختصار المطول وكنت جمعت أصله من نحو سبعين مصنفا ما بين مطول ومختصر فمن ذلك التهذيب
للأزهري وحيث أقول وفي نسخة من التهذيب فهي نسخة عليها خط الخطيب
أبي زكريا التبريزي وكتابه على مختصر
nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني والمجمل
لابن فارس وكتاب متخير الألفاظ له وإصلاح المنطق
nindex.php?page=showalam&ids=12758لابن السكيت وكتاب الألفاظ وكتاب المذكر والمؤنث وكتاب التوسعة له وكتاب المقصور والممدود
لأبي بكر بن الأنباري وكتاب المذكر والمؤنث له وكتاب المصادر
لأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري وكتاب النوادر له وأدب الكاتب
nindex.php?page=showalam&ids=13436لابن قتيبة وديوان الأدب
[ ص: 712 ] للفارابي والصحاح
nindex.php?page=showalam&ids=14042للجوهري والفصيح
لثعلب وكتاب المقصور والممدود
nindex.php?page=showalam&ids=14416لأبي إسحاق الزجاج وكتاب الأفعال
nindex.php?page=showalam&ids=12860لابن القوطية وكتاب الأفعال
للسرقسطي وأفعال
nindex.php?page=showalam&ids=12854ابن القطاع وأساس البلاغة
nindex.php?page=showalam&ids=14423للزمخشري والمغرب
للمطرزي والمعربات
لابن الجواليقي وكتاب ما يلحن فيه العامة له وسفر السعادة وسفير الإفادة لعلم الدين
السخاوي ومن كتب سوى ذلك فمنه ما راجعت كثيرا منه لما أطلبه نحو غريب الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=13436لابن قتيبة والنهاية
nindex.php?page=showalam&ids=12569لابن الأثير وكتاب البارع
لأبي علي إسماعيل بن القاسم البغدادي المعروف بالقالي وغريب اللغة
nindex.php?page=showalam&ids=12074لأبي عبيد القاسم بن سلام وكتاب مختصر العين
لأبي بكر محمد الزبيدي .
وكتاب المجرد
لأبي الحسن علي بن الحسن بن الحسين الهنائي وكتاب الوحوش
لأبي حاتم السجستاني وكتاب النخلة له ومنه ما التقطت منه قليلا من المسائل كالجمهرة والمحكم ومعالم التنزيل
nindex.php?page=showalam&ids=14228للخطابي وكتاب
nindex.php?page=showalam&ids=12078لأبي عبيدة معمر بن المثنى رواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=17417يونس بن حبيب والغريبين
لأبي عبيد أحمد بن محمد بن محمد الهروي وبعض أجزاء من مصنفات
الحسن بن محمد الصغاني من العباب وغيره والروض الأنف
للسهيلي وغير ذلك مما تراه في مواضعه ومن كتب التفسير والنحو ودواوين الأشعار عن الأئمة المشهورين المأخوذ بأقوالهم الموقوف عند نصوصهم وآرائهم مثل
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي nindex.php?page=showalam&ids=13042وابن جني وغيرهما وسميته غالبا في مواضعه حيث يبنى عليه حكم ونستغفر الله العظيم مما طغى به القلم أو زل به الفكر على أنه قد قيل ليس من الدخل أن يطغى قلم الإنسان فإنه لا يكاد يسلم منه أحد ولا سيما من أطنب قال
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير في المثل السائر ليس الفاضل من لا يغلط بل الفاضل من يعد غلطه ونسأل الله حسن العاقبة في الدنيا والآخرة وأن ينفع به طالبه والناظر فيه وأن يعاملنا بما هو أهله
بمحمد وآله الأطهار وأصحابه الأبرار وكان الفراغ من تعليقه على يد مؤلفه في العشر الأواخر من شعبان المبارك سنة أربع وثلاثين وسبعمائة هجرية .