وفي هذه السورة إحدى وخمسون آية :
الآية الأولى قوله تعالى : {
براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين } .
فيها أربع مسائل : المسألة الأولى : قوله تعالى : {
براءة } : أي هذه الآيات براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ; يقال : برئت من الشيء أبرأ براءة فأنا منه بريء : إذا أزلته عن نفسك ، وقطعت سبب ما بينه وبينك .
[ ص: 447 ] المسألة الثانية : قوله تعالى : {
إلى الذين عاهدتم من المشركين } : ولم يعاهدهم إلا النبي صلى الله عليه وسلم وحده ، ولكنه كان الآمر والحاكم ، وكل ما أمر به أو أحكمه فهو لازم للأمة ، منسوب إليهم ، محسوب عليهم ، يؤاخذون به ; إذ لا يمكن غير ذلك ; فإن تحصيل الرضا في ذلك من الجميع متعذر لوجهين : أحدهما : اختلاف الآراء ، وامتناع الاتفاق على مذهب واحد .
والثاني : كثرة عددهم المانع من تحصيل رضا جميعهم ، فوقع الاجتزاء بالمقدم من الوجهين ; فإذا
عقد الإمام بما يراه من المصلحة أمرا لزم الرعايا حكمه ، فإذا رضوا به كان أثبت لنسبته إليهم ، كما نسب عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين ، لكونهم به راضين .
ويحتمل أن يكون الضمير للجماعة ، وهو مضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق التعظيم في الإخبار عن الواحد العظيم بلفظ الجمع .