الآية الحادية عشرة : قوله تعالى : {
ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون } . فيها مسألتان :
المسألة الأولى : هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن في قول ، وللمخلوق والخالق في [ قول ] آخر ، معناه أن العبد المملوك الذي لا يقدر على شيء هو الكافر ، ومن رزقناه منا رزقا حسنا هو المؤمن ، آتاهما الله مالا كثيرا ورزقا واسعا ، فأما الكافر فبخل به وأمسك عليه ، وأما المؤمن فقلب به في ذات الله يمينا وشمالا هكذا وهكذا سرا وجهارا . وأما المعنى على ضرب المثل للمخلوق والخالق فهو عندهم أن العبد المملوك هو الصبي لا يقدر على شيء لغرارته وجهالته ، كما قال بعد ذلك : {
والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا } . وضرب المثل بقوله : {
ومن رزقناه منا رزقا حسنا } لله .
وقد ضرب الله الأمثال لنفسه على وجه بديع بيناه في قانون التأويل ، ولم يأذن لأحد من الخلق فيه ، وقال : {
فلا تضربوا لله الأمثال } [ يعني لا تضربوا ] أنتم الأمثال لله ; فإن الله يعلم ما يقول ويريد ، وأنتم لا تعلمون ما تقولون وما تريدون ، إلا إذا علمتم وأذن لكم في القول .