وقد
خصص الله رسوله صلى الله عليه وسلم في أحكام الشريعة بمعان لم يشاركه فيها أحد في باب الفرض والتحريم والتحليل ، مزية على الأمة ، وهيبة له ، ومرتبة خص بها ; ففرضت عليه أشياء ، وما فرضت على غيره ، وحرمت عليه أشياء وأفعال لم تحرم عليهم ; وحللت
[ ص: 598 ] له أشياء لم تحلل لهم ، منها متفق عليه ، ومنها مختلف فيه ، أفادنيها
الشهيد الأكبر عن
إمام الحرمين ، وقد استوفينا ذلك في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم بيد أنا نشير هاهنا إلى جملة الأمر لمكان الفائدة فيه ، وتعلق المعنى فيه إشارة موجزة ، تبين للبيب وتبصر المريب ، فنقول : أما قسم الفريضة فجملته تسعة : الأول : التهجد بالليل .
الثاني : الضحى .
الثالث : الأضحى .
الرابع : الوتر ، وهو يدخل في قسم التهجد .
الخامس : السواك .
السادس : قضاء دين من مات معسرا .
السابع : مشاورة ذوي الأحلام في غير الشرائع .
الثامن : تخيير النساء .
التاسع : كان إذا عمل عملا أثبته .
وأما قسم التحريم فجملته عشرة : الأول : تحريم الزكاة عليه وعلى آله .
الثاني : صدقة التطوع عليه ، وفي آله تفصيل باختلاف .
الثالث : خائنة الأعين ، وهو أن يظهر خلاف ما يضمر ، أو ينخدع عما يحب ، وقد ذم بعض الكفار عند إذنه ; ثم ألان له القول عند دخوله .
الرابع : حرم عليه إذا لبس لأمته أن يخلعها عنه ، أو يحكم بينه وبين محاربه ، ويدخل معه غيره من الأنبياء في الخير .
الخامس : الأكل متكئا .
[ ص: 599 ]
السادس : أكل الأطعمة الكريهة الرائحة .
السابع : التبدل بأزواجه .
الثامن : نكاح امرأة تكره صحبته .
التاسع : نكاح الحرة الكتابية .
العاشر : نكاح الأمة ، وفي ذلك تفصيل يأتي بيانه في موضعه .
وأما قسم التحليل فصفي المغنم .
الثاني : الاستبداد بخمس الخمس أو الخمس .
الثالث : الوصال .
الرابع : الزيادة على أربع نسوة .
الخامس : النكاح بلفظ الهبة .
السادس : النكاح بغير ولي .
السابع : النكاح بغير صداق .
وقد اختلف العلماء في نكاحه بغير ولي ، وقد قدمنا أن الأصح عدم اشتراط الولي في حقه ، وكذلك اختلفوا في نكاحه بغير مهر ، فالله أعلم .
الثامن : نكاحه في حالة الإحرام ، ففي الصحيح {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16736أنه تزوج ميمونة وهو محرم } ، وقد بيناه في مسائل الخلاف .
التاسع : سقوط القسم بين الأزواج عنه ، على ما يأتي بيانه في قوله : {
ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء } .
العاشر : إذا وقع بصره على امرأة وجب على زوجها طلاقها ، وحل له نكاحها .
قال
القاضي : هكذا قال
إمام الحرمين ، وقد بينا الأمر في قصة
nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة كيف وقع .
الحادي عشر : أنه أعتق
صفية وجعل عتقها صداقها ; وفي هذا اختلاف بيناه في كتاب الإنصاف ، ويتعلق بنكاحه بغير مهر أيضا .
الثاني عشر : دخول
مكة بغير إحرام ، وفي حقنا فيه اختلاف .
[ ص: 600 ] الثالث عشر : القتال
بمكة ، وقد قال عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33015لم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار } .
الرابع عشر : أنه لا يورث .
قال القاضي : إنما ذكرته في قسم التحليل ; لأن الرجل إذا قارب الموت بالمرض زال عنه أكثر ملكه ، ولم يبق له إلا الثلث خالصا ، وبقي ملك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته ما تقدم في آية الميراث .
الخامس عشر : بقاء زوجيته من بعد الموت .
السادس عشر : إذا طلق امرأة ، هل تبقى حرمته عليها فلا تنكح ؟ .
وهاتان المسألتان ستأتيان إن شاء الله تعالى .
وهذه الأحكام في الأقسام المذكورة على اختلافها مشروحة في تفاريقها ، حيث وقعت مجموعة في شرح الحديث الموسوم بالنيرين في شرح الصحيحين .