الآية الثانية
قوله تعالى : { ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون } .
فيها ثلاث مسائل :
[ ص: 102 ] المسألة الأولى الشريعة في اللغة عبارة عن الطريق إلى الماء ، ضربت مثلا للطريق إلى الحق لما فيها من عذوبة المورد ، وسلامة المصدر ، وحسنه . المسألة الثانية في المراد بها من وجوه الحق . وفي ذلك أربعة أقوال :
الأول : أن الأمر الدين .
الثاني : أنه السنة .
الثالث : أنه الفرائض .
الرابع : النية .
وهذه كلمة أرسلها من لم يتفطن للحقائق ، والأمر يرد في اللغة بمعنيين : أحدهما بمعنى الشأن ، كقوله تعالى : {
فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد } .
والثاني أنه أحد أقسام الكلام الذي يقابله النهي ، وكلاهما يصح أن يكون مرادا هاهنا ، وتقديره ثم جعلناك على طريقة من الدين ، وهي ملة الإسلام ، كما قال تعالى : {
ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين } .
ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح ، وإنما خالف بينها في الفروع بحسب ما علمه سبحانه .