المسألة الثالثة قوله : {
بهذا البلد }
مكة باتفاق من الأمة ، وذلك أن السورة مكية ، وقد أشار له ربه بهذا ، وذكر له البلد بالألف واللام ; فاقتضى ذلك [ ضرورة ] التعريف المعهود . وفيه قولان : أحدهما أنه
مكة .
والثاني أنه
الحرم كله . وهو الصحيح ; لأن البلد بحريمه ، كما أن الدار بحريمها ، فحريم الدار ما أحاط بجدرانها ، واتصل بحدودها ، وحريم بابها ما كان للمدخل والمخرج ، وحريم البئر في الحديث أربعون ذراعا ، وعند علمائنا يختلف ذلك بحسب اختلاف الأراضي في الصلابة والرخاوة ، ولها حريم السقي بحيث لا تختلط الماشية بالماشية من البئر الأخرى في المسقى والمبرك ، ومن
حاز حريما أو مناخا قبل صاحبه فهو له .
وحريم الشجرة ما عمرت به في العادة
[ ص: 346 ] وفي كتاب
أبي داود ; عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13233اختصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان في حريم نخلة ، فأمر بها } وفي رواية له : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23388فأمر بجريدة من جرائدها فذرعت ، فوجدت سبعة أذرع } . وفي رواية له أيضا : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18583خمسة أذرع فقضى بذلك } .
والذي يقضي به ما قلناه من أنه يأخذ حقه في العمارة التامة من ناحية الأرض ، ويأخذ دوحتها في الهواء ، إلا أن تسترسل أغصانها على أرض رجل فإنه يقطع منها ما أضر به .